للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْتَرَقَ كَالْخَزَفِ.

وَكَذَا لَوْ وَقَعَ كَلْبٌ فِي مَلَّاحَةٍ فَصَارَ مِلْحًا، أَوْ فِي صَبَّانَةٍ فَصَارَ صَابُونًا (إلَّا عَلَقَةً خُلِقَ مِنْهَا آدَمِيٌّ) أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ فَإِنَّهَا تَصِيرُ طَاهِرَةً، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَجِسَةً لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا بِصَيْرُورَتِهَا عَلَقَةً فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتْ إلَى أَصْلِهَا كَالْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ (وَ) إلَّا (خَمْرَةً انْقَلَبَتْ خَلًّا بِنَفْسِهَا) فَإِنَّهَا تَطْهُرُ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا لِشِدَّتِهَا الْمُسْكِرَةِ الْحَادِثَةِ لَهَا.

وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَّفَتْهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَطْهُرَ، كَالْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالتَّغَيُّرِ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ، لِكَوْنِهَا لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا لِعَيْنِهَا وَالْخَمْرَةُ نَجَاسَتُهَا لِأَمْرٍ زَالَ بِالِانْقِلَابِ (أَوْ) انْقَلَبَتْ الْخَمْرَةُ خَلًّا (بِنَقْلِهَا) مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ، أَوْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ (لِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ) فَتَطْهُرُ، كَمَا لَوْ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا.

(وَيَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا) وَلَوْ كَانَتْ لِيَتِيمٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ لَا وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ» فِيمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ خُلِّلَتْ) أَيْ: فُعِلَ بِهَا شَيْءٌ تَصِيرُ بِهِ خَلًّا (وَلَوْ بِنَقْلِهَا لِقَصْدِهِ) أَيْ: التَّخْلِيلِ (لَمْ تَطْهُرْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا فَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ (وَدَنُّهَا) أَيْ: الْخَمْرِ (مِثْلُهَا، فَيَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا) تَبَعًا لَهَا (وَلَوْ مِمَّا يُلَاقِي الْخَلّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ) فَيَطْهُرُ كَاَلَّذِي لَاقَاهُ الْخَلُّ (كَمُحْتَفَرٍ مِنْ الْأَرْضِ طَهُرَ مَاؤُهُ بِمُكْثٍ) أَيْ: بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِإِضَافَةِ) مَاءٍ كَثِيرٍ، أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ.

وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا بُنِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الصَّهَارِيجِ وَالْبَحْرَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْهُرُ بِمُكَاثَرَتِهِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ (لَا إنَاء طَهُرَ مَاؤُهُ بِمُكْثِهِ أَوْ كُوثِرَ مَاءٌ نَجِسٌ فِيهِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ طَهُورٍ، حَتَّى صَارَ) مَا فِيهِ (طَهُورًا لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ بِدُونِ انْفِصَالِهِ) أَيْ: الْمَاءِ (عَنْهُ فَإِذَا انْفَصَلَ) الْمَاءُ عَنْهُ (حُسِبَتْ غَسْلَةً وَاحِدَةً) وَلَوْ خَضْخَضَهُ مَرَّاتٍ (يُبْنَى عَلَيْهَا) مَا بَقِيَ مِنْ الْغَسَلَاتِ (وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ خَلَّالٍ إمْسَاكُ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ، بَلْ يُرَاقُ) الْخَمْرُ (فِي الْحَالِ فَإِنْ خَالَفَ) غَيْرُ الْخَلَّالِ (وَأَمْسَكَ) الْخَمْرَ (فَصَارَ خَلًّا بِنَفْسِهِ) أَوْ بِنَقْلِهِ لَا لِقَصْدِ تَخْلِيلٍ (طَهُرَ) لِمَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا الْخَلَّالُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إمْسَاكُ الْخَمْرِ لِيَتَخَلَّلَ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ وَإِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَقْلٍ، لَا لِقَصْدِ تَخْلِيلٍ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْخَلُّ الْمُبَاحُ: أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلٌّ قَبْلَ غَلَيَانِهِ) وَقَبْلَ أَنْ تَمْضِي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ (حَتَّى لَا يَغْلِيَ) قِيلَ لِلْإِمَامِ: فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ فَغَلِيَ قَالَ يُهْرَاقُ (وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ نَجِسَةٌ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْمُرَادُ بَعْدَ عِلَاجِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْغَزِّيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَتِهِ وَقِيلَ: طَاهِرَةٌ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>