للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ) ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَجْعَل عَلَى رَدِّهِ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي عَيَّنَهُ عِوَضًا، فَالرَّادُّ مُتَبَرِّعٌ بِعَمَلِهِ (كَمَا لَوْ جَعَلَ) رَبُّ آبِقَيْنِ (لَهُ فِي رَدِّ أَحَدِ عَبْدَيْهِ) كَسَالِمٍ شَيْئًا (مُعَيَّنًا، فَرَدَّ) الْعَبْدَ (الْآخَرَ) فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُعَيَّنَ قُلْت بَلْ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ، وَكَذَا الَّتِي قَبْلَهَا.

(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ آبِقَيْنِ: (مَنْ رَدَّ عَبْدَيَّ فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا فَلَهُ نِصْفُ الْجَعَالَة) ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ نِصْفَهَا، وَيَأْتِي لَوْ هَرَبَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا.

(وَمَنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الْعَمَلَ الْمُجَاعَلَ عَلَيْهِ (قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ الْجُعْلُ لَمْ يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ: الْجَعْلَ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِعَمَلِهِ (وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (أَخْذُهُ) أَيْ: الْجَعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ.

(وَسَوَاءٌ رَدَّهُ) قَبْل بُلُوغِ الْجُعْلِ أَوْ بَعْدَهُ؛ إذْ الْجُعْلُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ لَا التَّسْلِيمِ أَيْ: سَلَّمَ الْمَرْدُودَ، وَنَحْوَهُ.

(وَيَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ) كَأَنْ يَقُولَ: مَنْ خَاطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ فِي يَوْمٍ فَلَهُ كَذَا، فَإِنْ أَتَى بِهِ فِيهَا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فِيهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ بِخِلَافِ الْإِجَارَة، فَالْجَعَالَةُ، وَإِنْ كَانَتْ نَوْعَ إجَارَةٍ، لَكِنْ تُخَالِفُهَا فِي أَشْيَاءَ، مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْفَاعِلَ لَمْ يَلْتَزِمْ الْفِعْلَ، وَأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ يَقَعُ لَا مَعَ مُعَيَّنٍ، كَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا.

(وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْجَعَالَةِ) فَيَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ لِعَامِلِ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، كَاسْتِئْجَارِهِ بِذَلِكَ مُفْرَدًا أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ، وَتَزِيدُ الْجَعَالَةُ بِجُعْلٍ مَجْهُولٍ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ، وَتَقَدَّمَ.

(وَكُلّ مَا جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَعْمَالِ جَازَ أَخْذُهُ) أَيْ: الْعِوَضِ (عَلَيْهِ فِي الْجَعَالَةِ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ كَالْغِنَاءِ، وَالزَّمْرِ، وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] .

(وَالْعُدْوَانِ وَمَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ) بِأَنْ اشْتَرَطَ إسْلَامَ فَاعِلِهِ (مِمَّا لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ فَاعِلَهُ كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ (فَأَمَّا مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَالْأَذَانِ، وَنَحْوِهِ) كَتَعْلِيمِ فِقْهٍ، وَقُرْآنٍ، وَقَضَاءٍ، وَإِفْتَاءٍ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ، وَرُقْيَةٍ (فَيَجُوزُ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ (وَتَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ) مُفَصَّلًا.

(وَإِنْ جَعَلَ) لِمَنْ عَمِلَ لَهُ عَمَلًا (عِوَضًا مَجْهُولًا كَقَوْلِهِ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ أَوْ مَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا أَوْ فَلَهُ ثَوْبٌ، وَنَحْوُهُ) مِنْ الْمَجْهُولَاتِ (أَوْ) جَعَلَ لَهُ عِوَضًا (مُحَرَّمًا كَالْخَمْرِ فَلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ.

(وَإِنْ قَالَ مَنْ دَاوَى لِي هَذَا) الْجَرِيحَ (حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ) دَاوَى هَذَا الْمَرِيضَ حَتَّى يَبْرَأ مِنْ (مَرَضِهِ أَوْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>