جَعَلَ فِي رَدِّ الْآبِقِ إذَا جَاءَ بِهِ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ دِينَارًا» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْحَثُّ عَلَى حِفْظِهِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَصِيَانَةُ الْعَبْدِ عَمَّا يُخَافُ مِنْ لِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جُعْلِ الْآبِقِ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَعَلَى الْأُوَلِ فَإِنْ رَدَّهُ الْإِمَامُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي رَدِّهِ نَصًّا لِانْتِصَابِهِ لِلْمَصَالِحِ، وَلَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ (سَوَاءٌ رَدَّهُ) أَيْ: الْآبِقَ (مِنْ دَاخِلِ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجِهِ، قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ بَعُدَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَ) الْآبِقُ (يُسَاوِي الْمِقْدَارَ) الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِعُ (أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ) الرَّادُّ (زَوْجًا لِلرَّقِيقِ) الْآبِقِ (أَوْ ذَا رَحِمٍ فِي عِيَالِ الْمَالِك أَوْ لَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ " تَنْبِيهٌ " يُقَالُ: أَبَقَ الْعَبْدُ، إذَا هَرَبَ مِنْ سَيِّدِهِ - بِفَتْحِ الْبَاء - يَأْبِق، بِكَسْرِهَا، وَضَمِّهَا فَهُوَ آبِقٌ، وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ: فِي سِرِّ اللُّغَةِ: لَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ آبِقٌ إلَّا إذَا كَانَ ذَهَابُهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا كَدٍّ فِي الْعَمَلِ، وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ.
(وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ وُصُولِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ) إلَيْهِ (عَتَقَا) إنْ خَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: لِرَادِّهِمَا فِي نَظِيرِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَتِمْ؛ لِأَنَّ الْعَتِيقَ لَا يُسَمَّى آبِقًا (وَيَأْخُذُ) رَادُّ الْآبِقِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ تَرِكَتِهِ (مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ) .
(وَ) مَا أَنْفَقَ عَلَى (دَابَّةٍ) يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا " (فِي قُوتٍ، وَعَلَفٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ) الْمُنْفِقُ (الْمَالِكَ) فِي الْإِنْفَاقِ (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الِاسْتِئْذَانِ؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، لِحُرْمَةِ النَّفْسِ، وَحَثًّا عَلَى صَوْنِ ذَلِكَ عَلَى رَبِّهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ، وَنَحْوِهَا (حَتَّى، وَلَوْ هَرَبَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ وَاجِدِهِ (فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَاتَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ هَرَبِهِ) أَوْ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ مَأْذُونٌ فِيهَا شَرْعًا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ مَالِكِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جُعْلًا كَرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ بَلَدٍ سَمَّاهُ أَوْ هَرَّبَهُ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ (مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ) فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعَ، وَلَا أُجْرَة لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ، وَنَحْوِهَا (لَكِنْ لَا جُعْل لَهُ إذَا هَرَبَ) الْآبِقُ مِنْهُ (قَبْلَ تَسْلِيمِهِ) لِسَيِّدِهِ (أَوْ مَاتَ) الْآبِقُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ الْعَمَلَ.
(وَلَوْ أَرَادَ) وَاجِدُ الْآبِقِ (اسْتِخْدَامَهُ بَدَلَ النَّفَقَةِ لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ (كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ) ، وَأَوْلَى.
(وَمَنْ أَخَذَ الْآبِقَ أَوْ) أَخَذَ غَيْرَهُ مِنْ الْمَالِ الضَّائِعِ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ (فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إنْ تَلِفَ) قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ رَدِّهِ (مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ) ، وَلَا تَعَدٍّ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِأَخْذِهِ.
(وَإِنْ وَإِنْ وَجَدَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute