ضَاعَتْ مِنْهُ فَ (الْتَقَطَهَا آخَرُ فَعَلِمَ) الثَّانِي (أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ) أَيْ: الثَّانِي (رَدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ: الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّلِ، وَوِلَايَةُ التَّعْرِيفِ، وَالْحِفْظِ، فَلَا يَزُول ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْحَالِ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلًا مَلَكَهَا) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ (وَلَا يَمْلِكُ الْأَوَّلُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ (فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنْ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ.
(وَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فَرَدَّهَا إلَيْهِ فَأَبَى) الْأَوَّلُ (أَخْذَهَا مَثَلًا وَقَالَ) لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا أَنْتَ فَعَرَّفَهَا) الثَّانِي حَوْلًا (مَلَكَهَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَرَكَ حَقَّهُ فَسَقَطَ.
(وَإِنْ قَالَ) الْأَوَّلُ لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لِي فَفَعَلَ) الثَّانِي (فَهُوَ نَائِبُهُ فِي التَّعْرِيفِ، وَيَمْلِكُهَا الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّهُ، وَكَّلَهُ فِي التَّعْرِيفِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْأَوَّلُ لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا مَثَلًا وَتَكُونُ بَيْنِنَا، فَفَعَلَ) أَيْ: عَرَّفَهَا (صَحَّ أَيْضًا، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ نِصْفِهَا، وَوَكَّلَهُ فِي الْبَاقِي.
(وَإِنْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَعَرَّفَهَا) الْغَاصِبُ (لَمْ يَمْلِكْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ تَمَلُّكِهَا، فَإِنَّ الِالْتِقَاطَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبَبِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَهَا ثَانٍ، فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الِالْتِقَاطُ.
(وَاللُّقَطَةُ) الَّتِي أُبِيحَ الْتِقَاطُهَا وَلَمْ تُمْلَكْ بِهِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا حَيَوَانٌ) مَأْكُولٌ، كَفَصِيلٍ، وَشَاةٍ، وَدَجَاجَةٍ (فَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ فِعْلُ الْأَحَظِّ لِمَالِكِهِ (مِنْ) أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (أَكْلُهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) فِي الْحَالِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَسُئِلَ عَنْ لُقَطَةِ الشَّاةِ هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» فَجَعَلَهَا لَهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الذِّئْبِ، وَالذِّئْبُ لَا يُسْتَأْنَى بِأَكْلِهَا؛ وَلِأَنَّ فِي أَكْلِ الْحَيَوَانِ فِي الْحَالِ إغْنَاءً عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَحِرَاسَتِهِ لِمَالِيَّتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ إذَا جَاءَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِكَمَالِهَا (أَوْ) مِنْ (بَيْعِهِ) أَيْ: الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَكْلُهُ، فَبَيْعُهُ أَوْلَى.
(وَ) إذَا بَاعَهُ (حَفِظَ ثَمَنَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِي الْأَكْلِ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَ) لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَيْضًا فِي (الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَكْلُهُ بِلَا إذْنِهِ، فَبَيْعُهُ أَوْلَى (يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ (حِفْظُ صِفَتِهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (فِيهِمَا) أَيْ: فِيمَا إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ أَوْ الْبَيْعَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ إذَا وَصَفَهَا رَبُّهَا (أَوْ) مَنْ (حَفِظَهُ) أَيْ: الْحَيَوَانَ.
(وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى مَالِكِهِ (وَلَا يَتَمَلَّكُهُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَلَوْ بِثَمَنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute