ذَكَر أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مُلْتَقِطُهَا بِلَا تَعْرِيفٍ (لَمْ يَجِبْ تَعْرِيفُهَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْعَبَثِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِمَا: يَجِبُ مُطْلَقًا.
(وَلَوْ أَخَّرَ) الْمُلْتَقِطُ (التَّعْرِيفَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ) أَثِمَ، وَسَقَطَ (أَوْ) أَخَّرَهُ (بَعْضَهُ) أَيْ: بَعْضَ الْحَوْلِ الْأُوَلِ (أَثِمَ) الْمُلْتَقِطُ بِتَأْخِيرِهِ أَيْ: التَّعْرِيفِ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَسَقَطَ) التَّعْرِيفُ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ التَّعْرِيفِ لَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ،.
فَإِذَا تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ عَرَّفَ بَقِيَّتَهُ فَقَطْ (كَ) مَا يَأْثَمُ (بِالْتِقَاطِهِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ أَوْ) بِالْتِقَاطِ (مَا لَمْ يُرِدْ تَعْرِيفَهُ) ، وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا يَمْلِكُهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ إذَا لَمْ يُعَرِّفْهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأُوَلِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَهَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ يَحْبِسُهَا عِنْدَهُ أَبَدًا عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
(وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ (فِيهِ) أَيْ: الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (عَجْزًا كَمَرِيضٍ، وَمَحْبُوسٍ أَوْ) تَرَكَهُ فِيهِ (نِسْيَانًا) فَلَا يَمْلِكُهَا بِهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ سَوَاءٌ انْتَفَى لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْلِكُهَا بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ التَّعْرِيفَ عَنْ وَقْتِ إمْكَانِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَرَّفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ التَّنْقِيحِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(أَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ (فِي بَعْضِ الْحَوْلِ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَوْ عَرَّفَهَا بَعْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ وَجَدَهَا صَغِيرٌ، وَنَحْوُهُ) كَسَفِيهٍ (فَلَمْ يُعَرِّفْهَا وَلِيُّهُ) الْحَوْلَ الْأَوَّلَ فَلَا يَمْلِكُهَا لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(أَوْ ضَاعَتْ) اللُّقَطَةُ (فَعَرَّفَهَا) (الْمُلْتَقِطُ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِ) الْمُلْتَقِطِ (الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ) بِهَا لَمْ يَمْلِكْهَا (أَوْ أَعْلَمَهُ) أَيْ: أَعْلَمَ الثَّانِي الْأَوَّلَ (وَقَصَدَ) الثَّانِي (بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ) دُونَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَأْذَنْهُ الْأَوَّلُ (لَمْ يَمْلِكْهَا) الثَّانِي؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّعْرِيفِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ غَاصِبٌ فَعَرَّفَهَا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلِكِ وُجِدَ مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَمْلِكْهَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى، لَكِنْ تَوَهَّمَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا حَكَوْا الْوَجْهَيْنِ فِي مِلْكِ الثَّانِي لَهَا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْرِيفٌ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِنَائِبِهِ، وَالتَّعْرِيفُ هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ.
(وَلَيْسَ خَوْفُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (أَنْ يَأْخُذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (سُلْطَانٌ جَائِرٌ) عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا (أَوْ) خَوْفُهُ أَنْ (يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute