وَاللِّجَامِ وَجُعِلَ فِي وَقْفِ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ فِيهِ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَلَعَلَّهُ يُشْتَرَى بِتِلْكَ الْفِضَّةِ سَرْجٌ، وَلِجَامٌ، فَيَكُونُ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ قِيلَ: فَتُبَاعُ الْفِضَّةُ، وَتُجْعَلُ فِي نَفَقَتِهِ قَالَ: لَا قَالَ فِي الْمُغْنِي: فَأَبَاحَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِفِضَّةِ السَّرْجِ، وَاللِّجَامِ سَرْجًا وَلِجَامًا؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَهَا فِي جِنْسِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَرَسَ الْحَبِيسَ إذَا عَطِبَ فَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي الْجِهَاد جَازَ بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ إنْفَاقُهَا عَلَى الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَهَا إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا.
(وَلَا) يَصِحُّ وَقْفُ (مَطْعُومٍ وَمَشْرُوبٍ غَيْرُ مَاءٍ وَلَا وَقْفُ شَمْعٍ وَرَيَاحِين) لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَيَصِحَّ وَقْفُهُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ وَقَدْ نَقَلْنَا كَلَامَ الْحَارِثِيِّ، وَغَيْرِهِ فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَلَوْ وُقِفَ قِنْدِيلُ نَقْدٍ عَلَى مَسْجِدٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَصِحَّ) الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْقِنْدِيلُ (بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَيُزَكِّيهِ) لِبُطْلَانِ وَقْفِهِ (وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدُهْنٍ عَلَى مَسْجِدٍ لِيُوقَدَ فِيهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ تَنْوِيرَ الْمَسْجِدِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ (وَهُوَ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ قَالَهُ الشَّيْخُ) كَوَقْفِ الْمَاءِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ) الْوَقْفُ (عَلَى بِرٍّ) ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ، وَأَصْلُهُ الطَّاعَةُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ اشْتِرَاطُ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِي الصَّرْفِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ قُرْبَةٌ، وَصَدَقَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا فِيمَا لِأَجْلِهِ الْوَقْفُ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ (مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ مِنْ الذِّمِّيِّ كَالْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ قَالَ أَحْمَدُ فِي نَصَارَى وَقَفُوا عَلَى الْبِيعَةِ، وَمَاتُوا وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ نَصَارَى فَأَسْلَمُوا، وَالضِّيَاعُ بِيَدِ النَّصَارَى فَلَهُمْ أَخْذُهَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ لَا يُقَالُ: مَا عَقَدَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَتَقَابَضُوهُ ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ.
فَإِذَا لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا لَمْ يَزُلْ الْمِلْكُ فَيَبْقَى بِحَالِهِ كَالْعِتْقِ، وَالْقُرْبَةِ قَدْ تَكُونُ عَلَى الْآدَمِيِّ (كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ) ، وَالْغُزَاةِ، وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ.
(وَ) قَدْ تَكُونُ عَلَى غَيْرِ آدَمِيٍّ ك (الْحَجِّ، وَالْغَزْوِ، وَكِتَابَةِ الْفِقْهِ وَ) كِتَابَةِ (الْعِلْمِ وَ) كِتَابَةِ (الْقُرْآنِ وَ) ك (السِّقَايَاتِ) جَمْعُ سِقَايَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ فِيهِ الشَّرَابُ فِي الْمَوَاسِمِ، وَغَيْرِهَا، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا بُنِيَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَلَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَالْغَرِيبِ (وَالْقَنَاطِرِ، وَإِصْلَاحِ الطُّرُقِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالْمَدَارِسِ والبيمارستانات نَاتِ، وَ) إنْ كَانَتْ مَنَافِعُهَا تَعُودُ عَلَى الْآدَمِيِّ فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمِنْ النَّوْعِ الْأَوْلِ (الْأَقَارِبُ) فَيَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute