وَالْمَدَارِسِ، وَغَيْرِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فِيهَا فَاسِقٌ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِظُلْمِهِ الْخَلْقَ، وَتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ) مِنْ نَحْوِ سَبٍّ أَوْ ضَرْبٍ (أَوْ) كَانَ (فِسْقُهُ بِتَعَدِّيهِ حُدُودَ اللَّهِ يَعْنِي: وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْوَاقِفُ) ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا (وَهُوَ) أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ (صَحِيحٌ) مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: الشَّرْطُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ قَصْدُ الْقُرْبَةِ مِنْهُ، هَلْ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: وَالْمَعْرُوفُ عَنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
، وَاسْتَدَلَّ لَهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ جَعْلِ الْمُبَاحِ جِهَةً لِلْوَقْفِ انْتِفَاءُ جَعْلِهِ شَرْطًا فِيهِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ أَصْلًا فِي الْجِهَةِ مُخِلٌّ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْقُرْبَةُ، وَجَعْلُهُ شَرْطًا لَا يُخِلُّ بِهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْبَعْضِ بِالْعَطِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَرْفَعُ أَصْلَ الْقُرْبَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّوَابِعِ، وَالشَّيْءُ قَدْ يَثْبُتُ لَهُ حَالَ تَبْقِيَتِهِ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حَالَ أَصَالَتِهِ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَحْضَرٍ لِوَقْفٍ فِيهِ شُرُوطٌ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ الْوَقْفِ غَيْرَ ثَابِتٍ وَجَبَ ثُبُوتُهُ، وَالْعَمَلُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ) إثْبَاتُهُ.
(وَقَالَ أَيْضًا لَوْ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَّا مِقْدَارًا مَعْلُومًا ثُمَّ ظَهَرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ) مِمَّا قَالَ حُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْمُتَقَدِّمُ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ إيَّاهُ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ شَرْطَ الْوَاقِف، إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا كَذَا كَذَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فَإِنْ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مَثَلًا فَلَهُ الطَّلَبُ بِمَا فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ حِينِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَى وَلَدِهِ، وَذَكَرَ التَّاجُ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ انْتَهَى قَالَ الْمُحِبُّ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنُ الْمُقِرِّ يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ.
وَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي رِيعِهِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ جَوَازَ بَيْعِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالرَّيْعِ قَبْلَ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ لَاتَّخَذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقُّ عِوَضًا مِنْ شَخْصٍ عَنْ رِيعِهِ أَوْ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَيُقِرُّ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقِرِّ، أَوْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْوَقْفِ وَلَا بِرِيعِهِ إلَّا بِشَرْطِ مِلْكِهِ لِلرِّيعِ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute