الْحِيَلِ الَّتِي تُجْعَلُ طَرِيقًا إلَى مَنْعِ الْوَارِثِ أَوْ الْغَرِيمِ حُقُوقَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ.
(الْمَقَاصِدُ وَأَنْوَاعُ الْهِبَةِ صَدَقَةٌ، وَهَدِيَّةٌ، وَنِحْلَةٌ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ، وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ) وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي (تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُهَا) أَيْ: أَحْكَامُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ تَجْرِي فِي الْبَقِيَّةِ (فَإِنْ قَصَدَ بِإِعْطَائِهِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ قَصَدَ) بِإِعْطَائِهِ (إكْرَامًا، وَتَوَدُّدًا، وَمُكَافَأَةً) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى (فَهَدِيَّةٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِإِعْطَائِهِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (فَهِبَةٌ، وَعَطِيَّةٌ، وَنِحْلَةٌ وَهِيَ) أَيْ: الْمَذْكُورَاتُ مِنْ صَدَقَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَهَدِيَّةٍ وَعَطِيَّةٍ (مُسْتَحَبَّةٌ إذَا قُصِدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْهِبَةِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَمَا قُصِدَ بِهِ صِلَةُ الرَّحِمِ) قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَجِنْسُ الْهِبَةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لِشُمُولِهِ مَعْنَى التَّوْسِعَةِ عَلَى الْغَيْرِ، وَنَفْي الشُّحِّ قَالَ: وَالْفَضْلُ فِيهَا يَثْبُتُ بِإِزَاءِ مَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْهِبَةِ لِلصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا خَيْرَ فِيمَا قُصِدَ بِهِ رِيَاءٌ أَوْ سُمْعَةٌ وَ (لَا) تُسْتَحَبُّ إنْ قُصِدَ بِهَا (مُبَاهَاةٌ وَرِيَاءٌ، وَسُمْعَةٌ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (فَتُكْرَهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى قَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقٍ، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَوْ أَعْطَيْتِهَا لِأَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ» .
(قَالَ الشَّيْخُ: وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْهِبَةِ) لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِمَّا لَا يُحْصَرُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْهِبَةِ مَعْنًى تَكُونُ) الْهِبَةُ (بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ مِثْلُ الْإِهْدَاءِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحَبَّةً لَهُ، وَمَثَلُ هَذَا الْإِهْدَاءُ لِقَرِيبٍ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ أَوْ) الْإِهْدَاءُ ل (أَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ) أَيْ: عَلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى، وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ) فِي أَنَّهَا لَا تُرَدُّ (مَعَ عُرْفٍ كَقَوْصَرَةِ التَّمْرِ فَتَتْبَعُهُ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ.
(وَمَنْ أَهْدَى) شَيْئًا (لِيُهْدَى لَهُ أَكْثَرُ) مِنْهُ (فَلَا بَأْسَ) بِهِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] أَيْ: لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ: هُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ، وَأَجَلِّهَا.
(وَيُعْتَبَرُ) فِي الْهِبَةِ (أَنْ تَكُونَ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَنَحْوِهِمْ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.
(وَهِيَ كَبَيْعٍ فِي تَرَاخِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute