للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ شَرْعًا.

(وَ) لَا يَصِحُّ (تَعْلِيقُهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ) كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدْ وَهَبْتُكَ كَذَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الْحُلَّةِ الْمُهْدَاةِ إلَى النَّجَاشِيِّ: «إنْ رَجَعَتْ إلَيْنَا فَهِيَ لَكِ» قَالَ الْمُوَفَّقُ عَلَى مَعْنَى الْعِدَةِ وَخَرَجَ بِالْمُسْتَقْبَلِ الْمَاضِي وَالْحَالِ فَلَا يَمْنَعُ التَّعْلِيقُ عَلَيْهِ الصِّحَّةَ كَأَنْ كَانَتْ مِلْكِي وَنَحْوَهُ فَقَدْ وَهَبْتُكَهَا فَتَصِحُّ (غَيْرِ الْمَوْتِ) فَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعَطِيَّةِ بِهِ وَتَكُونُ وَصِيَّةً، وَكَالْهِبَةِ الْإِبْرَاءُ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرِ الْمَوْتِ (نَحْوِ إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ) فَلَا يَبْرَأُ (فَإِنْ ضَمَّ التَّاءَ صَحَّ) الْإِبْرَاءُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ.

(وَكَانَ) الْإِبْرَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (وَصِيَّةً) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْوَصِيَّةِ.

(وَلَا) يَصِحُّ أَيْضًا (شَرْطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (نَحْوَ) اشْتِرَاطِ الْوَاهِبِ عَلَى الْمُتَّهَبِ (أَنْ لَا يَبِيعَهَا) أَيْ: الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ (وَلَا يَهَبَهَا) وَأَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهَا (أَوْ) وَهَبَهُ عَيْنًا، وَ (يَشْرِطُ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا) فَلَا يَصِحُّ الشَّرْطُ إذْ مُقْتَضَى الْمِلْكِ التَّصَرُّفُ الْمُطْلَقُ فَالْحَجْرُ فِيهِ مُنَافٍ لِمُقْتَضَاهُ وَقَوْلُهُ (أَوْ) يَهَبُهُ شَيْئًا بِشَرْطِ (أَنْ يَهَبَ فُلَانًا شَيْئًا) تَبِعَ فِيهِ الْمُبْدِعَ وَغَيْرَهُ قُلْتُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ بُطْلَانُ الْهِبَةِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (وَتَصِحُّ هِيَ) أَيْ: الْهِبَةُ الْمَشْرُوطُ فِيهَا مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.

(وَلَا يَصِحُّ تَوْقِيتُهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (كَقَوْلِهِ: وَهَبْتُكَ هَذَا سَنَةً) أَوْ شَهْرًا فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ عَيْنٍ فَلَا تُوَقَّتَ كَالْبَيْعِ (إلَّا الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى) فَيَصِحَّانِ.

(وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ يَفْتَقِرَانِ إلَى مَا تَفْتَقِرُ إلَيْهِ سَائِرُ الْهِبَاتِ) مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا سُمِّيَتْ عُمْرَى لِتَقْيِيدِهَا بِالْعُمُرِ وَسُمِّيَتْ رُقْبَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ: أَعَمَرْتُهُ وَعَمَّرْتُهُ مُشَدَّدًا إذَا جَعَلْتُ لَهُ الدَّارَ مُدَّةَ عُمُرِهِ أَوْ عُمُرِكَ (كَقَوْلِهِ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ) أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ (الْفَرَسَ أَوْ) أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ (الْجَارِيَةَ أَوْ أَرْقَبْتُكَهَا) قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ:

أَرْقَبْتُكَ أَعْطَيْتُكَ وَهِيَ هِبَةٌ تَرْجِعُ إلَى الْمُرْقِبِ إنْ مَاتَ الْمَرْقَبُ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ (أَوْ جَعَلْتُهَا) أَيْ: الدَّارَ أَوْ الْفَرَسَ أَوْ الْجَارِيَةَ (لَكَ عُمُرَكَ أَوْ) جَعَلْتُهَا لَكَ (عُمُرِي أَوْ) جَعَلْتُهَا لَكَ (رُقْبَى أَوْ) جَعَلْتُهَا لَكَ (مَا بَقِيتُ أَوْ أَعْطَيْتُكَهَا عُمُرَكَ وَيَقْبَلُهَا) الْمَوْهُوبُ لَهُ (فَتَصِحُّ) الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَهِيَ أَمْثِلَةُ الْعُمْرَى (وَتَكُونُ) الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ (لِلْمُعْمَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ) وَلِلْمُرْقَبِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ (إنْ كَانُوا) كَتَصْرِيحِهِ بِأَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: الْمَوْهُوبِ لَهُ.

(وَرَثَةٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُتَخَلِّفَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>