تُدْخِلُ يَدَهَا فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَخَلٍّ وَتَعْجِنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَا يَفْسُدُ مِنْ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاتِهِ بَدَنَهَا، وَإِلَّا تَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِيهَا وَفِي الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ.
(وَأَقَلُّ سِنٌّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ: تَمَامُ تِسْعِ سِنِينَ) هِلَالِيَّةٍ، فَمَتَى رَأَتْ دَمًا قَبْلَ بُلُوغِ ذَلِكَ السِّنِّ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْوُجُودِ وَالْعَادَةِ لِأُنْثَى حَيْضٌ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهَا وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، كَتِهَامَةَ، وَالْبَارِدَةِ كَالصِّينِ وَإِنْ رَأَتْ مِنْ الدَّمِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، وَقَدْ بَلَغَتْ هَذَا السِّنَّ حُكِمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَثَبَتَتْ فِي حَقِّهَا أَحْكَامُ الْحَيْضِ كُلُّهَا.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ «إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ» وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ أَيْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرْأَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَأَيْتُ جَدَّةً لَهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ نِسَاءَ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ.
(وَأَكْثَرُهُ) أَيْ: أَكْثَرُ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ (خَمْسُونَ سَنَةً) لِقَوْلِ عَائِشَةَ إذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةُ خَمْسِينَ سَنَةً خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْحَيْضِ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَتْ أَيْضًا لَنْ تَرَى فِي بَطْنِهَا وَلَدًا بَعْدَ الْخَمْسِينَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّالَنْجِيُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِنَّ، لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ (وَالْحَامِلُ لَا تَحِيضُ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ الْقَاضِي.
فَجُعِلَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّ ابْنِ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا» فَجُعِلَ الْحَمْلُ عَلَمًا عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ كَالطُّهْرِ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (فَلَا تَتْرُكُ) الْحَامِلُ (الصَّلَاةَ لِمَا تَرَاهُ) مِنْ الدَّمِ، لِأَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ، لَا حَيْضٍ وَكَذَا الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ وَنَحْوُهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِبَادَةِ كَغَيْرِهِ، لَكَانَ أَعَمَّ (وَلَا يُمْنَعُ) زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا (وَطْأَهَا) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا (إنْ خَافَ الْعَنَتَ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِلَّا مُنِعَ، كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ وَالْمُبْدِعِ وَالْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِمَّنْ وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِهِ، إلَّا أَنْ تَرَاهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ نِفَاسٌ.
وَيَأْتِي (وَتَغْتَسِلُ) الْحَامِلُ إذَا رَأَتْ دَمًا زَمَنَ حَمْلِهَا (عِنْدَ انْقِطَاعِهِ اسْتِحْبَابًا، نَصًّا) احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَالْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute