فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ اسْتَحَقَّ مِائَةً) اعْتِبَارًا لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ أَصْلُ الْوَصِيَّةِ لَا صِفَتُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَا عَبْدَ لَهُ تَبْطُلُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَدْرَ الْفَائِتَ فِي صُورَةِ الْمِائَةِ صِفَةُ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ لَا أَصْلَ الْمَحَلِّ فَإِنَّ كِيسًا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِائَةً مَوْجُودٌ مِلْكًا فَأَمْكَنَ تَعَلُّقُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَالْفَائِتُ فِي صُورَةِ الْعَبْدِ أَصْلُ الْمَحَلِّ وَهُوَ عَدَمُ الْعَبِيدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَالتَّعَلُّقُ مُتَعَذِّرٌ انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرْت فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عَنْ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ مَالِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ اُشْتُرِيَ لَهُ (وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ قَوْسُ نُشَّابٍ وَهُوَ الْفَارِسِيُّ وَقَوْسُ نَبْلٍ وَهُوَ الْعَرَبِيُّ أَوْ قَوْسٌ بِمَجَرَّتِي وَهُوَ) الْقَوْسُ (الَّذِي يُوضَعُ السَّهْمُ) الصَّغِيرُ (فِي مَجْرَاهُ فَيَخْرُجُ) السَّهْمُ (مِنْ الْمَجْرَى) وَيُقَالُ لَهُ قَوْسُ حُسْبَانٍ، وَهِيَ السِّهَامُ الصَّغِيرَةُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَ) قَوْسُ (جَرْخٍ) وَهُوَ الَّذِي يَرْمِي بِهِ الرُّومُ (أَوْ) قَوْسُ (بُنْدُقٍ وَهُوَ قَوْسُ جُلَاهِقَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْبُنْدُقِ.
وَأَصْلُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جُلَّةٌ وَهِيَ كُبَّةُ غَزْلٍ وَالْكَبِيرُ جُلُّهَا (أَوْ) قَوْسُ (نَدْفٍ) يُنَدَّفُ بِهِ الْقُطْنُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِقَوْسٍ مُطْلَقٍ (قَوْسُ النِّشَابِ بِغَيْرِ وَتَرٍ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا) أَيْ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَعَارَفِ يُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (إلَّا قَوْسٌ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْقِسِيِّ تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ) إذْ لَا مَحَلَّ لَهَا غَيْرَهُ (وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (أَوْ حَالِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إلَى أَحَدِهَا) أَيْ: الْأَقْوَاسُ (انْصَرَفَ إلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: قَوْسٌ يُنْدَفُ بِهِ أَوْ) قَوْسٌ (يَتَعَيَّشُ) بِهِ (أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا يَصْرِفُهُ إلَى قَوْسِ النَّدْفِ) عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ.
(وَإِنْ قَالَ: قَوْسٌ يَغْزُو بِهِ خَرَجَ قَوْسُ النَّدْفِ وَالْبُنْدُقِ) لِأَنَّهُمَا لَا يُقَاتَلُ بِهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ) بِقَوْسٍ (نَدَّافًا لَا عَادَةَ لَهُ بِالرَّمْيِ أَوْ بُنْدُقَانِيًّا لَا عَادَةَ لَهُ بِالرَّمْيِ عَنْ سِوَاهُ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسٍ غَيْرِهِ وَلَا يَرْمِي بِسِوَاهُ انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الْقَوْسِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ عَادَةً) .
لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةً تُخَصِّصُ ذَلِكَ النَّوْعَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَةُ الِانْتِفَاعِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (أَقْوَاسٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي اسْتَحَقَّ الْوَصِيُّ) قَوْسًا مِنْهَا (أُعْطِيَ أَحَدَهَا بِقُرْعَةٍ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَخْتَارُهُ الْوَرَثَةُ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِطَبْلِ حَرْبٍ صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا وَمِثْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ طَبْلُ صَيْدٍ وَطَبْلُ حَجِيجٍ لِنُزُولٍ وَارْتِحَالٍ، وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِطَبْلِ لَهْوٍ وَلَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً، فَإِنْ كَانَ الطَّبْلُ يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَاللَّهْوِ مَعًا، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِقِيَامِ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ بِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الطَّبْلُ (مِنْ جَوْهَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute