فَالدُّخُولُ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ إمَّا لِعَدَمِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ.
(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِيَ مُسْلِمًا (مُكَلَّفٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى طِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا أَبْلَهَ، لِأَنَّهُمَا لَا يَتَأَهَّلُونَ إلَى تَصَرُّفٍ أَوْ وِلَايَةِ (رَشِيدٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى سَفِيهٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (عَدْلٍ وَلَوْ مَسْتُورًا أَوْ أَعْمَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ عَدُوَّ الطِّفْلِ الْمُوصَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ (وَ) كَذَا لَوْ كَانَ (عَاجِزًا) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ.
(وَيُضَمُّ إلَيْهِ) أَيْ: الضَّعِيفِ (قَوِيٌّ أَمِينٌ مُعَاوِنٌ وَلَا تُزَالُ يَدُهُ عَنْ الْمَالِ وَلَا) يُزَالُ (نَظَرُهُ) عَنْهُ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ (وَهَكَذَا إنْ كَانَ) حَالُ الْوِصَايَةِ (قَوِيًّا فَحَدَث فِيهِ) بَعْدَهَا (ضَعْفٌ) أَوْ عِلَّةٌ ضَمَّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ يَدًا أُخْرَى.
(وَ) يَكُونُ (الْأَوَّلُ هُوَ الْوَصِيُّ دُونَ الثَّانِي) فَإِنَّهُ مُعَاوِنٌ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ أَمِينًا يَحْتَاطُ عَلَى الْمَالِ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ عَاجِزًا وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى رَقِيقِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (الْمُوصِيَ وَ) إلَى (رَقِيقِ غَيْرِهِ) بِأَنْ يُوصِي رَقِيقَهُ أَوْ رَقِيقَ زَيْدٍ عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْمَالِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ» وَالرِّعَايَةُ وِلَايَةٌ فَوَجَبَ ثُبُوتُ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعَدَالَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَأَهَّلَ لِلْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَأَمَّا إنَّهُ لَا يَلِيَ عَلَى ابْنِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِدَلِيلِ الْمَرْأَةِ، وَكَوْنِ عَبْدِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَوَقُّفِ التَّنْفِيذِ لِلْقَدْرِ الْمُجَاوِزِ لِلثُّلُثِ عَلَى إذْنِ الْوَارِثِ (وَلَا يَقْبَلُ) عَبْدُ الْغَيْرِ الْوَصِيَّةَ أَيْ: لَا يَتَصَرَّفُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا (وَيُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ) أَيْ: الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ (عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ) لِأَنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا حَالَهَا.
(وَ) يُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ (عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَمْلِكُ الْمُوصَى إلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْإِيصَاءِ (فَإِنْ تَغَيَّرَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ عَادَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ عَادَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (إلَى عَمَلِهِ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَإِنْ زَالَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْمَوْتِ) انْعَزَلَ لِوُجُودِ الْمُنَافِي (أَوْ) زَالَتْ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ تَعُدْ قَبْلَ الْمَوْتِ انْعَزَلَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَلَمْ تَعُدْ وَصِيَّتُهُ) لَوْ عَادَتْ الصِّفَاتُ بَعْدُ (إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ قَالَ الْمُوصِي مَثَلًا: إنْ انْعَزَلْتَ لِفَقْدِ صِفَةٍ ثُمَّ عُدْتَ إلَيْهَا فَأَنْتَ وَصِيِّي.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا عَادَ إلَى عَمَلِهِ (وَيَنْعَقِدُ الْإِيصَاءُ بِقَوْلِ الْمُوصِي: فَوَّضْتُ) إلَيْكِ كَذَا (أَوْ وَصَّيْت إلَيْكَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute