مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ بِالْإِرْثِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَرِثُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) الْحَمْلُ (مِنْ كَافِرٍ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ وَضْعِهِ مِثْلَ أَنْ يُخَلِّفَ) كَافِرٌ (أُمَّهُ) الْكَافِرَةَ (حَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ) ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَتْبَعَهَا حَمْلُهَا وَلَا يَرِثُ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَعَلَى مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِالْمَوْتِ يَرِثُ هُنَا أَيْضًا لِتَأَخُّرِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ.
(وَيَرِثُ طِفْلٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْحُكْمَ بِالْإِرْثِ، وَإِنَّمَا قَارَنَهُ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ مُقَارَنَةِ الْمَانِعِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ الْمَنْعِ وَالْمَنْعَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ، وَالْحُكْمَ بِالتَّوْرِيثِ سَابِقٌ عَلَى الْمَنْعِ لَاقْتِرَانِهِ بِسَبَبِهِ.
(وَيَرِثُ الْحَمْلُ وَيُورَثُ) عَنْهُ مَا مَلَكَهُ بِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ أُمُّهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) فِرَاشًا كَانَتْ أَوْ لَا إذْ هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَحَيَاتُهُ دَلِيلٌ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلُ.
(فَإِنْ أَتَتْ بِهِ) أُمُّهُ (لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ) يَطَؤُهَا (أَوْ) لَهَا (سَيِّدٌ يَطَؤُهَا لَمْ يَرِثْ) لِاحْتِمَالِ تَجَدُّدِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا أَنْ تُقِرَّ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْمَوْتِ) فَيَلْزَمَهُمْ دَفْعُ مِيرَاثِهِ إلَيْهِ مُؤَاخَذَةً لَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الَّتِي وَضَعَتْ الْحَمْلَ (لَا تُوطَأُ لِعَدَمِهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ (أَوْ غَيْبَتِهِمَا أَوْ اجْتِنَابِهِمَا الْوَطْءَ عَجَزًا أَوْ قَصْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَرِثَ، مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ) إنَاطَةً لِلْحُكْمِ بِسَبَبِهِ الظَّاهِرِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ (الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُ حَيًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَتُعْلَمَ حَيَاتُهُ إذَا اسْتَهَلَّ بَعْدَ وَضْعِ كُلِّهِ صَارِخًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا وَرِثَ» ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ كَأَهَلَّ وَكَذَا كُلُّ مُتَكَلِّمٍ رَفَعَ صَوْتَهُ أَوْ خَفَضَ انْتَهَى.
فَصَارِخًا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} [النمل: ١٩] (أَوْ عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ (أَوْ بَكَى أَوْ ارْتَضَعَ أَوْ تَحَرَّكَ حَرَكَةً طَوِيلَةً أَوْ تَنَفَّسَ، وَطَالَ زَمَنُ التَّنَفُّسِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَيَاتِهِ) كَسُعَالٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ دَالَّةٌ عَلَى الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ فَثَبَتَ لَهُ أَحْكَامُ الْحَيِّ كَالْمُسْتَهِلِّ (لَا بِحَرَكَةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ اخْتِلَاجٍ أَوْ تَنَفُّسٍ يَسِيرٍ) لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ وَلَوْ عُلِمَتْ الْحَيَاةُ إذَنْ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute