«لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَمْنَةَ حِينَ شَكَتْ إلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ أَنْعَتُ لَك الْكُرْسُفَ - يَعْنِي - الْقُطْنَ تَحْشِينَ بِهِ الْمَكَانَ قَالَتْ:» إنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ تَلَجَّمِي.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ صَائِمَةً، لَكِنْ يَتَوَجَّهُ أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى التَّعْصِيبِ فَقَطْ (فَإِنْ غَلَبَ) الدَّمُ (وَقَطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهَا) لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ (وَلَا يَلْزَمُهَا إذَنْ إعَادَةُ شَدِّهِ، وَ) لَا إعَادَةُ (غَسْلِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ لَمْ تُفْرِطْ) فِي الشَّدِّ لِلْحَرَجِ فَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الشَّدِّ وَخَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَعَادَتْهُ لِأَنَّهُ حَدَثٌ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ) «لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَفِي لَفْظٍ قَالَ لَهَا تَوَضَّئِي لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا يُقَالُ: فِيهِ وَفِي غَالِبِ الرِّوَايَاتِ وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِهِ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ (فَلَا) تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ (وَتُصَلِّي) الْمُسْتَحَاضَةُ بِوُضُوئِهَا (مَا شَاءَتْ) مَا دَامَ الْوَقْتُ (حَتَّى جَمْعًا بَيْنَ فَرْضَيْنِ) لِبَقَاءِ وُضُوئِهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَكَالْمُتَيَمِّمِ وَأَوْلَى (وَلَهَا) أَيْ الْمُسْتَحَاضَةِ (الطَّوَافُ) فَرْضًا وَنَفْلًا (وَلَوْ لَمْ تَطُلْ اسْتِحَاضَتُهَا) كَالصَّلَاةِ وَأَوْلَى (وَتُصَلِّي عَقِبَ طُهْرِهَا نَدْبًا) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَإِنْ أَخَّرَتْ) الصَّلَاةَ عَنْ طُهْرِهَا (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَضُرَّ) مَا دَامَ الْوَقْتُ لِأَنَّهَا مُتَطَهِّرَةٌ كَالْمُتَيَمِّمِ (وَإِنْ كَانَ لَهَا) أَيْ: الْمُسْتَحَاضَةِ (عَادَةٌ بِانْقِطَاعِهِ) أَيْ: الدَّمِ (زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، تَعَيَّنَ فِعْلُهُمَا فِيهِ) لِأَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا عُذْرَ مَعَهُ وَلَا ضَرُورَةَ، فَتَعَيَّنَ فِعْلُهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَتْ زَمَنَ انْقِطَاعِهِ ثُمَّ عَادَ بَطَلَ.
(وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ) لِلدَّمِ فِي زَمَنٍ يَتَّسِعُ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ (بَعْدَ طَهَارَتِهَا لِمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ) أَيْ: اتِّصَالُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ (بَطَلَتْ طَهَارَتُهَا وَلَزِمَهَا اسْتِئْنَافُهَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ بِهَذَا الِانْقِطَاعِ فِي حُكْمِ مَنْ حَدَثُهَا غَيْرُ دَائِمٍ.
(فَإِنْ وُجِدَ) هَذَا الِانْقِطَاعُ (قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَجُزْ الشُّرُوعُ فِيهَا) حَتَّى تَتَوَضَّأَ، لِبُطْلَانِ وُضُوئِهَا بِالِانْقِطَاعِ (فَإِنْ خَالَفَتْ وَشَرَعَتْ) فِي الصَّلَاةِ (وَاسْتَمَرَّ الِانْقِطَاعُ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، فَصَلَاتُهَا بَاطِلَةٌ) لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الطَّهَارَةِ بِانْقِطَاعِهِ.
(وَإِنْ عَادَ) دَمُهَا (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ (فَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ) لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الِانْقِطَاعِ (وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ) لِأَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute