الْمُسَخَّنِ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ تَعَيَّنَ وَزَالَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا قُلْتُ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَكْرُوهٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَيُكْرَهُ إيقَادُ النَّجَسِ) فِي تَسْخِينِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ تَعَدِّيهِ إلَى الْمُسَخَّنِ فَيُنَجِّسُهُ (وَ) كَذَا (مَاءُ بِئْرٍ فِي مَقْبَرَةٍ) فَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا فِي أَكْلٍ وَغَيْرِهِ وَكَرِهَ الْإِمَامُ بَقْلَ الْمَقْبَرَةِ وَشَوْكَهَا (وَ) كَذَا (مَاءٌ) فِي (بِئْرٍ فِي مَوْضِعِ غَصْبٍ أَوْ) مَاءُ بِئْرٍ (حَفْرُهَا) غَصْبٌ (أَوْ أُجْرَتُهُ) أَيْ الْحَفْرُ (غَصْبٌ) فَيُكْرَهُ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ غَصْبٍ مُحَرَّمٍ (وَ) وَكَذَا (مَا ظُنَّ تَنْجِيسُهُ) فَيُكْرَهُ، بِخِلَافِ مَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ.
(وَ) كَذَا يُكْرَهُ (اسْتِعْمَالُ مَاءِ زَمْزَمَ فِي إزَالَةِ النَّجَسِ فَقَطْ) تَشْرِيفًا لَهُ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ «ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمَا رَوَى عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ رَأَيْتُ الْعَبَّاسَ قَائِمًا يَقُولُ: أَلَا لَا أُحِلُّهُ لِمُغْتَسِلٍ، وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ شَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ قَالَ ذَلِكَ حِينَ احْتَفَرَهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَضِيقُ عَلَى الشَّرَابِ، وَكَوْنُهُ مِنْ مَنْبَعٍ شَرِيفٍ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَعَيْنِ سُلْوَانَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ انْفَرَدَ بِهَا، وَهِيَ كَوْنُهُ يَقْتَاتُ بِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ فِي بَدْءِ إسْلَامِهِ (وَلَا يُكْرَهُ مَا جَرَى عَلَى الْكَعْبَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَفِي الْمُبْدِعِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
(فَهَذَا كُلُّهُ يَرْفَعُ الْأَحْدَاثَ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ (جَمْعُ حَدَثٍ وَهُوَ مَا) أَيْ وَصْفٌ يَقُومُ بِالْبَدَنِ (أَوْجَبَ وُضُوءًا) أَيْ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ وَيُسَمَّى أَصْغَرَ (أَوْ) أَوْجَبَ (غُسْلًا) وَيُسَمَّى أَكْبَرَ وَ (أَوْ) لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لَا الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ غَيْرَ الْمَوْتِ وَيُطْلَقُ الْحَدَثُ عَلَى نَفْسِ الْخَارِجِ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْحَدَثُ وَالْأَحْدَاثُ مَا اقْتَضَى وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا أَوْ هُمَا، أَوْ اسْتِنْجَاءً أَوْ اسْتِجْمَارًا أَوْ مَسْحًا أَوْ تَيَمُّمًا قَصْدًا، كَوَطْءٍ وَبَوْلٍ وَنَحْوِهِمَا، غَالِبًا وَاتِّفَاقًا كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا وَاحْتِلَامِ نَائِمٍ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَخُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُمْ غَالِبًا (إلَّا حَدَثَ رَجُلٍ وَخُنْثَى) بَالِغٍ فَلَا يَرْتَفِعُ (بِمَاءٍ) قَلِيلٍ (خَلَتْ بِهِ امْرَأَةٌ) مُكَلَّفَةٌ لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ (وَيَأْتِي) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مُفَصَّلًا.
(وَالْحَدَثُ لَيْسَ بِنَجَاسَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute