قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ فِيمَا أَظُنُّ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ إنَّمَا هُوَ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لَا قِيمَةِ النِّصْفِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ انْتَهَى وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ عَلَى مَا يَأْتِي قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيه كُلِّهِ (عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ) مِمَّنْ مَلَكَ جُزْأَهُ بِغَيْرِ إرْثٍ (وَالْمُوسِرُ هُنَا الْقَادِرُ حَالَةَ الْعِتْقِ عَلَى قِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ مَا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ (وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ) الَّذِي هُوَ قِيمَتُهُ (كَفِطْرَةٍ) أَيْ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَيْلَتَهُ.
(وَإِنْ كَانَ) الَّذِي مَلَكَ جُزْءًا مِنْ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ (مُعْسِرًا) فَلَمْ يَمْلِكْ مِنْ قِيمَةِ بَاقِيه شَيْئًا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ سِوَى مَا مَلَكَهُ (أَوْ مَلَكَهُ) أَيْ جُزْءًا مِنْ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ (بِالْمِيرَاثِ وَلَوْ) كَانَ (مُوسِرًا) بِقِيمَةِ بَاقِيه (لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ إلَّا مَا مَلَكَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إلَى إعْتَاقِهِ لِحُصُولِ مِلْكِهِ بِدُونِ فِعْلِهِ وَقَصْدِهِ.
(وَإِنْ مَثَّلَ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: مَثَّلْت بِالْحَيَوَانِ أُمَثِّلُ تَمْثِيلًا إذَا قَطَعْت أَطْرَافَهُ وَبِالْعَبْدِ إذَا جَدَعْت أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ وَنَحْوَهُ (بِرَقِيقِهِ وَلَوْ) كَانَ تَمْثِيلُهُ بِهِ (بِلَا قَصْدٍ فَقَطَعَ أَنْفَهُ، أَوْ) قَطَعَ (أُذُنَهُ، أَوْ) قَطَعَ (عُضْوًا مِنْهُ) كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ (أَوْ جَبَّهُ) بِأَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ (أَوْ خَصَاهُ) بِأَنْ قَطَعَ خُصْيَتَيْهِ (أَوْ خَرَقَ) عُضْوًا مِنْهُ (أَوْ أَحْرَقَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (عُضْوًا مِنْهُ) أَيْ رَقِيقِهِ كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ (أَوْ وَطِئَ) سَيِّدٌ (جَارِيَتَهُ الْمُبَاحَةَ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَأَفْضَاهَا) أَيْ خَرَقَ مَا بَيْن سَبِيلِهَا.
(قَالَ الشَّيْخُ: أَوْ اسْتَكْرَهَهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ) أَيْ لَوْ فَعَلَ الْمَالِكُ الْفَاحِشَةَ أَيْ اللِّوَاطَ بِعَبْدِهِ مُكْرَهًا (عَتَقَ) الرَّقِيقُ بِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ بِهِ (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحٍ وَجَدَ غُلَامًا لَهُ مَعَ جَارِيَةٍ فَقَطَعَ ذَكَرَهُ وَجَدَعَ أَنْفَهُ فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت قَالَ: فَعَلَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَالِاسْتِكْرَاهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ فِي مَعْنَى التَّمْثِيلِ.
وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَقُ بِالتَّمْثِيلِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ الَّذِي مُثِّلَ بِهِ (دَيْنٌ) وَلَوْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ بِالْقَوْلِ (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الَّذِي مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ (وَلَاؤُهُ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَكَمَا لَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ وِلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(وَلَا عِتْقَ) حَاصِلٌ (بِضَرْبِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَخَدْشِهِ وَلَعْنِهِ) لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْعِتْقِ بِذَلِكَ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُعْتَقْ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute