وَتُصَلِّي) وَتَصُومُ وَنَحْوُهُ (لِأَنَّهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ التَّطْهِيرِ) قَالَ أَحْمَدُ مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهَا أَتَتْهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَقَالَ لَا تَقْرَبِينِي وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَوْدَ الدَّمِ فِي زَمَنِ الْوَطْءِ.
(فَإِنْ عَادَ) الدَّمُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْبَعِينَ (فَمَشْكُوكٌ فِيهِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ دَمَ نِفَاسٍ أَوْ فَسَادٍ، لِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ الْأَمَارَتَانِ (كَمَا لَمْ تَرَهُ) أَيْ: الدَّمَ مَعَ الْوِلَادَةِ (ثُمَّ رَأَتْهُ فِي الْمُدَّةِ) أَيْ: فِي الْأَرْبَعِينَ فَمَشْكُوكٌ فِيهِ (فَتَصُومُ وَتُصَلِّي) أَيْ: تَتَعَبَّدُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهَا بِيَقِينٍ، وَسُقُوطُهَا بِهَذَا الدَّمِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَفِي غُسْلِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ.
قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ، فَعَلَى هَذَا يَقْوَى عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ أَيْضًا اهـ مُلَخَّصًا قُلْتُ: إنَّ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ قَوَّى الِاسْتِحْبَابَ، كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَأَوْلَى (وَتَقْضِي صَوْمَ الْفَرْضِ) وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا، وَلِوُجُوبِهِ يَقِينًا لَا يُقَالُ: إنَّهَا لَا تَقْضِي الصَّوْمَ قِيَاسًا عَلَى النَّاسِيَةِ إذَا صَامَتْ فِي الدَّمِ الزَّائِدِ عَلَى غَالِبِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ النِّفَاسِ (وَلَا يَأْتِيهَا فِي الْفَرْجِ) زَمَنَ هَذَا الدَّمِ، كَالْمُبْتَدَأَةِ فِي الدَّمِ الزَّائِدِ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَبْلَ تَكَرُّرِهِ.
(وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ) فَأَكْثَرَ (فَأَوَّلُ النِّفَاسِ وَآخِرُهُ) (مِنْ) ابْتِدَاءِ خُرُوجِ بَعْضِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ دَمٌ خَرَجَ عَقِبَ الْوِلَادَةِ، فَكَانَ نِفَاسًا وَاحِدًا كَحَمْلٍ وَاحِدٍ وَوَضْعِهِ (فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: التَّوْأَمَيْنِ (أَرْبَعُونَ) فَأَكْثَرُ (فَلَا نِفَاسَ لِلثَّانِي نَصًّا) لِأَنَّ الْوَلَدَ الثَّانِيَ تَبَعٌ لِلْأَوَّلِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي آخِرِ النِّفَاسِ كَأَوَّلِهِ (بَلْ هُوَ) أَيْ: مَا خَرَجَ مَعَ الْوَلَدِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْأَوَّلِ (دَمُ فَسَادٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا (وَيَجُوزُ شُرْبُ دَوَاءٍ لِإِلْقَاءِ نُطْفَةٍ) .
وَفِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ: يَحْرُمُ وَفِي الْفُرُوعِ عَنْ الْفُنُونِ: إنَّمَا الْمَوْءُودَةُ بَعْدَ التَّارَاتِ السَّبْعِ وَتَلَا {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: ١٢]- إلَى - {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] قَالَ وَهَذَا حَلَّتْهُ الرُّوحُ لِأَنَّ مَا لَمْ تَحِلَّهُ لَا يُبْعَثُ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ لَا يَحْرُمُ إسْقَاطُهُ وَلَهُ وَجْهٌ وَمَنْ اسْتَمَرَّ دَمُهَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِهَا بِقَدْرِ الْعَادَةِ فِي وَقْتِهَا، وَوَلَدَتْ فَخَرَجَتْ الْمَشِيمَةُ وَدَمُ النِّفَاسِ مِنْ فَمِهَا: فَغَايَتُهُ نَقْضُ الْوُضُوءِ لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُهُ حَيْضًا كَزَائِدٍ عَلَى الْعَادَةِ، كَمَنِيٍّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute