الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ لَهُ بَعْدَهَا وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (فَإِنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يُكَاتِبَ (سُرِّيَّةً إنْ جَوَّزْنَا لِلْعَبْدِ التَّسَرِّي أَوْ) كَانَ لَهُ.
(وَلَدٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ سُرِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ السُّرِّيَّةِ وَالْوَلَدِ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ فَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُكَاتَبُ.
(وَإِذَا أَدَّى) الْمُكَاتَبُ (مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ السَّيِّدُ) مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَبْضِ أَوْ قَبَضَهُ وَكِيلُهُ (أَوْ) قَبَضَهُ (وَلِيُّهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ أَهْلًا (أَوْ أَبْرَأَهُ) السَّيِّدُ (مِنْهُ) أَيْ مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ (عَتَقَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَ (لَا) يُعْتَقُ (قَبْلَ الْأَدَاءِ) لِجَمِيعِ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ (وَالْإِبْرَاءِ) مِنْهُ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَدَلَّلَ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهَا لَا يَبْقَى عَبْدًا.
(وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَنَانِيرَ فَأَبْرَأْهُ) السَّيِّدُ (مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَأَبْرَأَهُ مِنْ دَنَانِيرَ (لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَزِيدَ) فِي الْبَرَاءَةِ لَفْظَ (بِقَدْرِ ذَلِكَ مِمَّا لِي عَلَيْك) فَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ اكْتِفَاءً بِالْمَعْنَى.
(وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (مَا يُؤَدِّي) مِنْهُ (فَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ السَّابِقِ.
(فَإِنْ) مَاتَ السَّيِّدُ وَوَرِثَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ، أَوْ (أَبْرَأْهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ (بَعْضُ وَرَثَتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (مِنْ حَقِّهِ مِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ بِمَعْنَى دَيْنِهَا (وَكَانَ) الْمُبَرِّئُ (مُوسِرًا) بِقِيمَةِ بَاقِيه (عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ) بِالسِّرَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي رَقِيقٍ (وَمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بَعْدَ الْأَدَاءِ) لِجَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ (فَ) هُوَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَهُ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ الْعِتْقِ.
(فَإِنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ (أَوْ قُتِلَ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ) لَهُ (السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَمَاتَ عَبْدًا وَكَانَ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ) سَوَاءٌ خَلَفَ وَفَاءً أَمْ لَا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ السَّابِقِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَبَطَلَ، وَتُفَارِقُ الْكِتَابَةُ الْبَيْعَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ.
(وَإِنْ عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (قَبْلَ مَحِلِّهِ لَزِمَ سَيِّدَهُ أَخْذُهُ وَعَتَقَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ (ضَرَرٌ) عَلَى السَّيِّدِ رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَإِذَا قَدَّمَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فَسَقَطَ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ لَا يُقَالُ إذَا عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ عَلَى فِعْلٍ فِي وَقْتٍ فَفَعَلَهُ فِي غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّ هَذَا صِفَةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا يُعْتَقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute