مِلْكِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةٍ لِمُكَاتَبِهِ وَلَا) وَطْءُ (مُكَاتَبَتِهِ) أَيْ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُمَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِمَا (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ (أَثِمَ وَعُزِّرَ وَلَا حَدَّ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مَالِك الْمَالِكِ، فَهُوَ مَالِكٌ بِوَاسِطَةٍ (وَعَلَيْهِ) بِوَطْئِهِ لَهَا (مَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا) الَّذِي هُوَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ لَهُ، فَكَذَا عِوَضُهُمَا.
(وَوَلَدُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ جَارِيَة مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ (حُرٌّ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا) لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ إذْ الِاسْتِيلَادُ كَالْإِتْلَافِ (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) مِنْ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ لِأَنَّ وَلَدَ السَّيِّدِ كَجُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ لِرَقِيقِهِ وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ حُرًّا.
(وَلَوْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا أُدِّبَ فَوْقَ أَدَبِ الْوَاطِئِ الْمُكَاتَبَةَ الْخَالِصَةَ) لَهُ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً وَمِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ الْخَالِصَةِ (وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَهَا فَإِذَا تَلِفَتْ بِالْوَطْءِ لَزِمَ مُتْلِفَهُمَا بَدَلُهَا وَهُوَ الْمَهْرُ (فَإِنْ وَطِئَاهَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمُكَاتَبَةُ (بِكْرًا فَعَلَى) الْوَاطِئِ (الْأَوَّلِ مَهْرُ بِكْرٍ وَعَلَى) الْوَاطِئِ (الْآخَرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ) بِاعْتِبَارِ الْحَالِ الَّتِي وَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ أَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدُهُ حُرٌّ) يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِحُرٍّ فِي شَيْءٍ يَمْلِكُ بَعْضَهُ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلسِّرَايَةِ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَيَنْفُذُ مِنْ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَرَضِ.
(وَ) تَصِيرُ أَيْضًا (مُكَاتَبَةً لَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى كِتَابَتِهَا فِي نَصِيبِهِ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ (كَمَا لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهَا مِنْ شَرِيكِهِ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَوْلِدِ (لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً لَهُ) أَيْ لِشَرِيكِهِ (لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ) الْمُسْتَوْلَد (مُوسِرًا) بِنِصْفِ قِيمَتِهَا (أَدَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُعَسِّرًا فَ) هُوَ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يُوسِرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَوْلِدِ (لَهُ) أَيْ لِشَرِيكِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهَا) فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ سَبِيلِ هَذَا النِّصْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِشَرِيكِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ رِقَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهَا فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَغْرَمُ فِي الْوَلَدِ شَيْئًا لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute