وَالضَّرْبُ فِي حَقِّهِ لِتَمْرِينِهِ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْلَفَهَا وَيَعْتَادَهَا فَلَا يَتْرُكَهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ.
(وَإِنْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: فِي وَقْتِهَا لَزِمَهُ إعَادَتُهَا (أَوْ) بَلَغَ (بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (فِي وَقْتِهَا لَزِمَهُ إعَادَتُهَا) لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ فِي حَقِّهِ، فَلَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الْفَرْضِ كَمَا لَوْ نَوَاهَا نَفْلًا وَكَمَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ (وَ) يَلْزَمُهُ (إعَادَةُ تَيَمُّمٍ لِفَرْضٍ) لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ كَانَ لِنَافِلَةٍ فَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ (وَلَا) يَلْزَمُهُ إعَادَةُ (وُضُوءٍ) وَلَا غُسْلِ جَنَابَةٍ لِأَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ لِنَافِلَةٍ اسْتَبَاحَ بِهِ الْفَرِيضَةَ لِرَفْعِهِ الْحَدَثَ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (وَلَا) يَلْزَمُهُ أَيْضًا (إعَادَةُ إسْلَامٍ) لِأَنَّ أَصْلَ الدِّينِ لَا يَصِحُّ نَفْلًا فَإِذَا وُجِدَ فَعَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَبُ (وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (إذَا بَلَغَ فِيهَا) قَدَّمَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي النَّفْلِ.
أَيْ: إنْ قُلْنَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى ابْنِ عَشْرٍ فَبَلَغَ فِيهَا، لَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَإِعَادَتُهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ فَبَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا فَوُجُوبُ إتْمَامِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ، وَالصَّحِيحُ كَمَا يَأْتِي: لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا.
(وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ (تَأْخِيرُهَا أَوْ) تَأْخِيرُ (بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِ الْجَوَازِ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، إنْ كَانَ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ وَوَقْتِ الِاخْتِيَارِ إنْ كَانَ لَهَا وَقْتَانِ (إنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهَا قَادِرًا عَلَى فِعْلِهَا) .
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ إيقَاعُهَا فِي الْوَقْتِ، فَإِذَا خَرَجَ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا كُلِّهَا كَانَ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ، مُخَالِفًا لِلْأَمْرِ وَلِأَنَّهُ لَوْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ لَفَاتَتْ فَائِدَةُ التَّأْقِيتِ (إلَّا لِمَنْ يَنْوِي الْجَمْعَ) لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ.
لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَسَيَأْتِي وَلِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا يَصِيرَانِ وَقْتًا وَاحِدًا لَهُمَا، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتٌ مَعْلُومٌ، فَيَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ إخْرَاجُهُ (أَوْ لِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا الَّذِي يُحَصِّلُهُ قَرِيبًا كَالْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ) وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، إذَا انْخَرَقَ ثَوْبُهُ، وَاشْتَغَلَ بِخِيَاطَتِهِ.
وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا بَدَلَ لَهُ وَ (لَا) يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا (الْبَعِيدِ كَالْعُرْيَانِ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى يَشْتَرِي مِنْهَا ثَوْبًا) أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ وَنَحْوُهُ (وَلَا يُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute