للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نِسَاءَهُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - (بَيْنَ فِرَاقِهِ) طَلَبًا لِلدُّنْيَا (وَالْإِقَامَةِ مَعَهُ) طَلَبًا لِلْآخِرَةِ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] الْآيَتَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُون مُكْرِهًا لَهُنَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا آثَرَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفَقْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» وَخَيَّرَهُنَّ وَبَدَأَ مِنْهُنَّ بِعَائِشَةَ فَاخْتَرْنَ الْمُقَامَ.

(وَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ إذَا رَآهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْخَوْفِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَا إذَا كَانَ الْمُرْتَكِبُ يَزِيدُهُ الْإِنْكَارُ إغْرَاءً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إبَاحَتُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَّةِ ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي الْقَوَاطِعِ.

(وَالْمُشَاوَرَةُ فِي الْأَمْرِ مَعَ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ) ذَوِي الْأَحْلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] وَالْحِكْمَةُ أَنْ يَسْتَنَّ بِهَا الْحُكَّامُ بَعْدَهُ فَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِيًّا عَنْهَا بِالْوَحْيِ.

(وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ) الزَّائِدِ عَلَى الضِّعْفِ (لِلْوَعْدِ بِالنَّصْرِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ بِالْعِصْمَةِ وَالنَّصْرِ بَلْ رَوَى الدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ أَمَرَ بِالْقِتَالِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْمَحْظُورَاتِ بِقَوْلِهِ (وَمُنِعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الرَّمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْإِشَارَةِ بِهَا) لِحَدِيثِ «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَهِيَ الْإِيمَاءُ إلَى مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ وَقَتْلٍ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ الظَّاهِرِ، وَسُمِّيَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ، وَلَا يُحَرَّمُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي مَحْظُورٍ.

(وَ) مِنْ (نَزْعٍ لَأْمَةِ الْحَرْبِ) أَيْ سِلَاحِهِ كَدِرْعِهِ (إذَا لَبِسَهَا حَتَّى يَلْقَى الْعَدُوَّ) وَيُقَاتِلُهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا أُشِيرَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْحَرْبِ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ لَأْمَتَهُ «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ ثُمَّ يَنْزِعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ» وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ.

(وَ) مِنْ (إمْسَاكِ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِخَبَرِ الْعَائِذَةِ بِقَوْلِهَا: " أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْكَ " وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَمِنْ الشِّعْرِ وَالْخَطِّ وَتَعَلُّمُهُمَا) قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>