للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً» وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِنَبِيِّنَا، بَلْ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلُهُ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، (وَفِي عُيُونٍ الْمَسَائِلِ) وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَابْنِ عَقِيلٍ.

(وَيُبَاحُ لَهُ مِلْكُ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كَانَتْ) الْأَمَةُ (أَوْ مُشْرِكَةً) يَعْنِي كِتَابِيَّةً وَلَا يَسْتَشْكِلُ جَوَازُ التَّسَرِّي بِالْكِتَابِيَّةِ بِمَا عَلَّلُوا أَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ كَوْنِهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ، لِأَنَّ التَّوَالُدَ لَا يَسْتَلْزِمُ كَرَاهِيَتهَا وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّكَاحِ إصَابَةُ التَّوَالُدِ فَاحْتِيطَ لَهُ وَيَلْزَمُ فِي النِّكَاحِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِخِلَافِ الْمُلْكِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْكَرَامَةَ بِقَوْلِهِ: (وَأُكْرِمَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِأَنْ جُعِلَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] .

(وَ) جُعِلَ (خَيْرَ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ) لِحَدِيثِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» أَيْ وَلَا فَخْرَ أَكْمَلُ مِنْ هَذَا الْفَخْرِ أُعْطِيتُهُ، أَوْ لَا أَقُولُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِافْتِخَارِ بَلْ لِبَيَانِ الْوَاقِع أَوْ لِلتَّبْلِيغِ وَحَدِيثُ «لَا تُفَاضِلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَنَحْوِهِ، أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّنْقِيصِ وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ (وَأُمَّتُهُ أَفْضَلُ الْأُمَمِ) قَالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] (وَجُعِلَتْ) أُمَّتُهُ (شُهَدَاءَ عَلَى الْأُمَمِ بِتَبْلِيغِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣] .

(وَأَصْحَابُهُ خَيْرُ الْقُرُونِ) لِحَدِيثِ: «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَأُمَّتُهُ مَعْصُومَةٌ مِنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الضَّلَالَةِ) لِحَدِيثِ: «لَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ، لَكِنْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ لَهُ شَوَاهِدَ (وَ) لِذَلِكَ كَانَ (إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً) وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةً.

(وَنَسَخَ شَرْعُهُ الشَّرَائِعَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ أَمَرَ بِتَرْكِ شَرَائِعِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ (وَلَا تُنْسَخُ شَرِيعَتُهُ) لِأَنَّهُ لَا نَبِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>