إلَى زَيْدٍ فَأَجَازَاهُ جَمِيعًا وَكَأَبِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَحَيْثُ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ لِصِغَرِهِ وَجُنُونِهِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ (بِغَيْرِ أَمَةٍ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ (وَلَا مَعِيبَةٍ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ النِّكَاحُ) كَرَتْقَاءَ وَجَذْمَاءَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ وَيُزَوِّجُ الْأَبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَرِهَا) لِأَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ فَجَازَ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ فِيهِ كَمُدَاوَاتِهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرْضَى أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَجْنُونَ، إلَّا أَنْ تُرَغَّبَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى النِّكَاحِ بِدُونِ ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُمْ) أَيْ لِلْبَنِينَ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ إنْ زَوَّجَهُمْ الْأَبُ (خِيَارٌ إذَا بَلَغُوا) وَعَقَلُوا كَمَا لَوْ بَاعَ مَا لَهُمْ وَنَحْوَهُ.
(وَ) لِلْأَبِ (تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَمَّا قَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا دَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ وَهِيَ الْبِكْرُ فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هُنَا وَالِاسْتِئْذَانَ فِي حَدِيثِهِمْ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ.
(وَ) لِلْأَبِ أَيْضًا تَزْوِيجُ (ثَيِّبٍ لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ) لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِمْ) أَيْ الْبَنِينَ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبِنْتِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ الَّتِي لَهَا دُون تِسْعِ سِنِينَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجُ مَنْ ذُكِرَ (لِلْجَدِّ) لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ الْأَبِ، فَلَمْ يَمْلِكْ الْإِجْبَارَ كَالْعَمِّ.
(وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُ بِكْرٍ بَالِغَةٍ هِيَ وَأُمُّهَا أَمَّا) هِيَ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اسْتِئْذَانُ أُمِّهَا فَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيَكُونُ اسْتِئْذَانُ الْوَلِيِّ لَهَا (بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا) لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَحِي مِنْهُ (وَأُمُّهَا بِذَلِكَ أَوْلَى) لِأَنَّهَا تُظْهِرُ عَلَى أُمِّهَا مَا تُخْفِيهِ عَلَى غَيْرِهَا.
(وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ) فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ (بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا.
(وَ) لَهُ تَزْوِيجُهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ (إنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً) نَقَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ قَالَ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ بَلْ مَفْسَدَةٌ وَصَوَّبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَالَ هُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُزَوِّجُهُ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ لِحَاجَةٍ، وَالْكِفَايَةُ تَحْصُلُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَائِبَةً أَوْ صَغِيرَةً طِفْلَةً وَبِهِ حَاجَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ثَانِيَةً قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي الْوَصَايَا انْتَهَى وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute