وَكَذَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقِ لِأَنَّ لَهُ وَلَاءُ مَا أَعْتَقَ مِنْهُمَا فَهُوَ وَلِيُّهُ (وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُعْتِقِ وَمَالِكِ الْبَقِيَّةِ (زَوَّجْتُكَهَا وَلَا يَقُولُ زَوَّجْتُكَ بَعْضَهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ التَّشْقِيصَ وَالتَّجَزُّؤَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ زَمَنِ الْإِيجَابِ مِنْهُمَا أَوْ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ قُلْتُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرَتُّبُهُمَا فِيهِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ.
(وَيَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إجْبَارَ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ وَلَوْ) كَانَ الْعَبْدُ (مَجْنُونًا) فَيُجْبِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَلَكَ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ فَعَبْدُهُ الذِّمِّيُّ كَذَلِكَ مَعَ مِلْكِهِ، وَتَمَامِ وَلَا يَتِهْ عَلَيْهِ أَوْلَى و (لَا) يَمْلِكُ إجْبَارَ (عَبْدِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْحُرِّ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ خَالِصُ حَقِّهِ وَنَفْعِهِ لَهُ فَلَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ، وَالْأَمْرُ بِإِنْكَاحِهِ مُخْتَصٌّ بِحَالَةِ طَلَبَةِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَيَامَى وَإِنَّمَا يُزَوَّجْنَ عِنْدَ الطَّلَبِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْأَوْلِيَاءِ) بَعْدَ الْأَبِ (تَزْوِيجُ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ) بَالِغَةٍ ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ أَنْ تَسْكُتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (إلَّا الْمَجْنُونَةَ فَلَهُمْ) أَيْ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ (إذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيْلُ إلَى الرِّجَالِ) لِأَنَّ لَهَا حَاجَةً إلَى النِّكَاحِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ وَتَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفَافِ وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إذْنِهَا فَأُبِيحَ تَزْوِيجُهَا كَالْبِنْتِ مَعَ أَبِيهَا (وَيُعْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ مَيْلُهَا إلَى الرِّجَالِ مِنْ (كَلَامِهَا وَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ وَنَحْوِهِ) مِنْ قَرَائِن الْأَحْوَالِ (وَكَذَا إنْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ثِقَةٌ مِنْهُمْ أَنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَاثْنَانِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (أَنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا) فَلِكُلِّ وَلِيٍّ تَزْوِيجُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحهَا كَالْمُدَاوَاةِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ ذَاتِ الشَّهْوَةِ وَنَحْوِهَا (وَلِيٌّ إلَّا الْحَاكِمَ زَوَّجَهَا) لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ أَوْ) احْتَاجَ (الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ الْبَالِغ إلَى النِّكَاحِ) أَيْ الْوَطْءِ أَوْ (لِحَاجَةٍ غَيْرِهِ) كَخِدْمَةٍ (زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) أَيْ مَعَ عَدَمِهِمَا لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِمَا إذَنْ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَنْ يُخْنَقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ (وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ) وَهُمْ مَنْ عَدَا الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ فِي مَالِهِمَا وَمَصَالِحِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute