وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَ (لَا يُرَقُّ وَلَا يُسْبَى لَهُ أَهْلٌ وَلَا وَلَدٌ) كَسَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ (وَلَا قَتْلَ وَلَا تَكْفِيرَ قَبْلَ الدِّعَايَةِ) بِحَالٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا لِشَيْءٍ يَظُنُّهُ عُذْرًا فِي تَرْكِهَا.
(قَالَ الشَّيْخُ وَتَنْبَغِي الْإِشَاعَةُ عَنْهُ بِتَرْكِهَا، حَتَّى يُصَلِّيَ وَلَا يَنْبَغِي السَّلَامُ عَلَيْهِ، وَلَا إجَابَةُ دَعْوَتِهِ انْتَهَى) لَعَلَّهُ يَرْتَدِعُ بِذَلِكَ وَيَرْجِعُ.
(وَمَنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ قَضَى صَلَاتَهُ مُدَّةَ امْتِنَاعِهِ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى رَاجَعَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَقْضِ مُدَّةَ امْتِنَاعِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ ثُمَّ حَكَى كَلَامَ الْفُرُوعِ.
(وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ؛ كَفَرَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا وَظُهُورِ حُكْمِهَا فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِهِ، إلَّا إذَا كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ (وَكَذَا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا) مُجْمَعًا عَلَيْهِ (أَوْ شَرْطًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَالطَّهَارَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) لِأَنَّهُ كَتَرْكِهَا (أَوْ) تَرَكَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا (مُخْتَلَفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ) فَهُوَ كَتَرْكِ جَمِيعِهَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قَالَ: كَمَا نَحُدُّهُ بِفِعْلِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ صَدْرُ الْوُزَرَاءِ عَوْنُ الدِّينِ أَبُو الْمُظَفَّرِ يَحْيَى بْنُ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيُّ الْبَغْدَادِيُّ فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ وَقَدْ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ: " مَا صَلَّيْت وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": فِيهِ أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ فِي مِثْلِ هَذَا يُغَلَّظُ لَهُ لَفْظُ الْإِنْكَارِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَإِلَى تَغْلِيظِ الْأَمْرِ فِي الصَّلَاةِ؛ حَتَّى أَنَّ (مَنْ أَسَاءَ فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا) فَإِنَّ (حُكْمَهُ حُكْمُ تَارِكِهَا) اهـ.
(وَعِنْدَ الْمُوَفَّقِ وَمَنْ تَابَعَهُ) كَالشَّارِحِ (لَا يُقْتَلُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ) كَمَا لَا يُحَدُّ الْمُتَزَوِّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ (وَهُوَ أَظْهَرُ) لِلشُّبْهَةِ (وَلَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ تَهَاوُنًا غَيْرَ الصَّلَاةِ، فَلَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ زَكَاةٍ بُخْلًا، وَلَا بِتَرْكِ صَوْمٍ وَحَجٍّ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ تَهَاوُنًا) لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ (وَيُقْتَلُ فِيهِنَّ حَدًّا) لِمَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا (وَلَا يُقْتَلُ بِ) تَرْكِ (صَلَاةٍ فَائِتَةٍ وَلَا بِتَرْكِ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ) لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا فَوْرًا.
خَاتِمَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِمَ كَفَرَ إبْلِيسُ؟ فَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا: أَنَّهُ كَفَرَ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَا بِجُحُودِهِ، وَقِيلَ: كَفَرَ لِمُخَالَفَتِهِ الْأَمْرَ الشِّفَاهِيَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَاطَبَهُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَلَدُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، فِي الِاسْتِعَاذَاتِ لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute