للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» وَلِأَنَّ الْعَرَبَ فَضَلَتْ الْأُمَمَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الثَّالِثُ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَلَا الْمُبَعَّضُ كُفُئًا لِحُرَّةٍ وَلَوْ) كَانَتْ (عَتِيقَةً) لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ وَلِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِرَقَبَتِهِ يُشْبِهُ مِلْكَ الْبَهِيمَةِ فَلَا يُسَاوِي الْحُرَّةَ لِذَلِكَ وَالْعَتِيقُ كُلُّهُ كُفْءٌ لِلْحُرَّةِ.

(الرَّابِعُ الصِّنَاعَةُ فَلَا يَكُونُ صَاحِبَ صِنَاعَةٍ دَنِيئَةٍ كَالْحَجَّامِ وَالْحَائِك وَالْكَسَّاحِ وَالزَّبَّالِ وَالْفَقَّاطُ كُفْئًا لِبِنْتِ مَنْ هُوَ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ جَلِيلَةٍ كَالتَّاجِرِ وَالْبَزَّازِ) أَيْ الَّذِي يَتَّجِرُ فِي الْبَزِّ وَهُوَ الْقُمَاشُ.

(وَالثَّانِي صَاحِبُ الْعُقَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْعَيْبِ وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ إلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا» قِيلَ لِأَحْمَدَ كَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ وَأَنْتَ تُضَعِّفُهُ قَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَهْلِ الْعُرْفِ.

(الْخَامِسُ الْيَسَارُ بِمَالٍ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) وَ (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ بِحَيْثُ لَا تَتَغَيَّرُ عَلَيْهَا عَادَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا فِي بَيْتِهِ فَلَا يَكُونُ الْمُعْسِرُ كُفْئًا لِمُوسِرَةٍ) لِأَنَّ عَلَى الْمُوسِرَةِ ضَرَرًا فِي إعْسَارِ زَوْجِهَا لِإِخْلَالِهِ بِنَفَقَتِهَا وَمُؤْنَةِ أَوْلَادِهِ وَلِهَذَا مَلَكَتْ الْفَسْخ بِإِعْسَارِهِ بِالنَّفَقَةِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ كَتَفَاضُلِهِمْ فِي النَّسَبِ.

(فَائِدَةٌ) وَلَدُ الزِّنَا قَدْ قِيلَ إنَّهُ كُفْءٌ لِذَاتِ نَسَبٍ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنْ يُنْكَحَ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُحِبَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَتَضَرَّرُ بِهِ هِيَ وَأَوْلِيَاؤُهَا وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى وَلَدِهَا وَلَيْسَ هُوَ كُفْئًا لِلْعَرَبِيَّةِ بِغَيْرِ إشْكَالٍ فِيهِ لِأَنَّهُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَوَالِي قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَيْسَ مَوْلَى الْقَوْمِ كُفْئًا لَهُمْ) نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَذَا هَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهُ كُفُؤٌ لَهُمْ ذَكَرَهُمَا فِي الْخِلَافِ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ (تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفُءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا) لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهَا وَإِدْخَالٌ لِلْعَارِ عَلَيْهَا (وَيَفْسُقُ بِهِ) أَيْ: بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفُءٍ بِلَا رِضَاهَا (الْوَلِيُّ) .

قُلْتُ إنْ تَعَمَّدَهُ (وَيَسْقُطُ خِيَارُهَا) أَيْ الْمَرْأَةُ إذَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفُءٍ (بِمَا يَدُلُّ) مِنْهَا (عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ) بِأَنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا عَالِمَةً بِهِ (وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَلَا يَثْبُتُ رِضَاهُمْ إلَّا بِالْقَوْلِ) بِأَنْ يَقُولُوا أَسْقَطْنَا الْكَفَاءَةَ أَوْ رَضِينَا بِهِ غَيْرَ كُفْءٍ وَنَحْوِهِ.

وَأَمَّا سُكُوتُهُمْ فَلَيْسَ بِرِضًا (وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الصِّفَاتُ) وَهِيَ الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالصِّنَاعَةُ غَيْرَ الذُّرِّيَّةِ وَالْيَسَارِ (فِي الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ أَبِيهِ لَا بِشَرَفِ أُمِّهِ (فَلَيْسَتْ الْكَفَاءَةُ شَرْطًا فِي حَقِّهَا لِلرَّجُلِ) وَقَدْ تَزَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَتَسَرَّى بِالْإِمَاءِ.

(وَالْعَرَبُ مِنْ قُرَشِيٍّ وَغَيْرِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ) لِأَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ الْمِقْدَادِ الْكِنْدِيَّ تَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>