فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا (وَلَا يَكْفِي) لِإِبَاحَةِ وَطْءِ الْأُخْرَى (اسْتِبْرَاؤُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ (بِدُونِ زَوَالِ الْمِلْكِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا فَيَكُونُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا (وَلَا) يَكْفِي أَيْضًا (تَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ بِأَنْ يَقُولَ هِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَذَا يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ وَلَوْ كَانَ يُحَرِّمُهَا، إلَّا أَنَّهُ لِعَارِضٍ مَتَى شَاءَ أَزَالَهُ بِالْكَفَّارَةِ كَالْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ (وَلَا زَوَالُ مِلْكٍ) عَنْ الْمَوْطُوءَةِ (بِدُونِ اسْتِبْرَائِهَا) لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ كَالْعِدَّةِ.
(وَلَا) يَكْفِي أَيْضًا (كِتَابَتُهَا) لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ اسْتِبَاحَتِهَا بِمَا لَا يَقِفُ عَلَى غَيْرِهِمَا (وَلَا) يَكْفِي أَيْضًا (رَهْنُهَا) لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ وَطْئِهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِتَحْرِيمِهَا وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى فَكّهَا مَتَى شَاءَ (وَلَا) يَكْفِي أَيْضًا (بَيْعُهَا بِشَرْطِ خِيَارٍ) لَهُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهَا مَتَى شَاءَ يَفْسَخُ الْبَيْعَ (وَمِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَهُ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ (هِبَتُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ (لِمَنْ يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَهَا مِنْهُ كَهِبَتِهَا لِوَلَدِهِ) .
قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْفَعَهُ وَحْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَيَكْفِي فِي تَحْرِيمِ الْمَوْطُوءَةِ إخْرَاجُ الْمِلْكِ فِي بَعْضِهَا كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةِ جُزْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمهَا كَبَيْعِ كُلِّهَا فَإِنْ أَخْرَجَ الْمِلْكَ لَازِمًا ثُمَّ عُوِّضَ لَهُ الْمُبِيحُ لِلْفَسْخِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهَا بِسِلْعَةٍ ثُمَّ تَتَبَيَّنُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعِيبَةً، أَوْ يُفْلِسُ الْمُشْتَرَى بِالثَّمَنِ أَوْ يَظْهَرُ فِي الْعِوَضِ تَدْلِيسٌ أَوْ يَكُونُ مَغْبُونًا.
فَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَنْ يُبَاحَ وَطْءُ الْأُخْتِ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى عُمُومِ كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (فَلَوْ خَالَفَ) مُشْتَرِي الْأُخْتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا (وَوَطِئَهُمَا) وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَوَطْءُ الثَّانِيَةِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ جَمْعُ مَائِهِ فِي رَحِمِهِمَا (لَا حَدَّ فِيهِ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَلَزِمَهُ أَنْ يُمْسِك عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا وَيَشْتَرِيَهَا) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهَا أَوْ نَحْوُهَا كَمَا لَوْ وَطِئَهَا ابْتِدَاءً.
وَاسْتِدْلَالُ مَنْ قَالَ الْأُولَى بَاقِيَةٌ عَلَى الْحَالِ بِحَدِيثِ «إنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ» لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْخَبَر لَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَيَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ الْأَوَّلُ وَطْئًا مُحَرَّمًا كَفِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْض فَإِنَّ أُخْتَهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ عَادَتْ) الَّتِي أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ (إلَى مِلْكِهِ وَلَوْ) كَانَ عَوْدُهَا إلَيْهِ (قَبْلَ وَطْءِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى) لِمَا تَقَدَّمَ.
(قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ هَذَا إنْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ) كَمَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْل الدُّخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute