للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّيبَةُ وَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ (وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ إذَا عُلِمَ زِنَاهَا عَلَى الزَّانِي وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: ٣] وَهُوَ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ وَلِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} [المائدة: ٥] (٢) وَهُنَّ الْعَفَائِفُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» يَعْنِي إتْيَانَ الْحَبَالَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

(فَإِنْ كَانَتْ) الزَّانِيَةُ (حَامِلًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزِّنَا (لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ) لِمَا سَبَقَ (وَتَوْبَتُهَا) أَيْ الزَّانِيَةِ (أَنْ تُرَاوَدَ عَلَيْهِ) أَيْ الزِّنَا (فَتَمْتَنِعَ) مِنْهُ " لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ كَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهَا: قَالَ يُرِيدُهَا عَلَى ذَلِكَ: فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَمْ تَتُبْ، وَإِنْ أَبَتْ فَقَدْ تَابَتْ " فَصَارَ أَحْمَدُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ اتِّبَاعًا لَهُ.

قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَرَادَ مُخَالَطَةَ إنْسَانٍ امْتَحَنَهُ، حَتَّى يَعْرِفَ بِرَّهُ أَوْ فُجُورَهُ أَوْ تَوْبَتَهُ وَيَسْأَلُ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُهُ (وَقِيلَ تَوْبَتُهَا) أَيْ الزَّانِيَةِ (كَتَوْبَةِ غَيْرِهَا) نَدَمٌ وَإِقْلَاعٌ وَعَزْمٌ أَنْ لَا تَعُودَ (مِنْ غَيْرِ مُرَاوَدَةٍ) وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي امْتِحَانُهَا بِطَلَبِ الزِّنَا مِنْهَا بِحَالٍ.

وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (فَإِذَا تَابَتْ) مِنْ الزِّنَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (حَلَّ نِكَاحُهَا لِلزَّانِي وَغَيْرِهِ) عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَائِشَةَ " أَنَّهَا لَا تَحِلّ لِلزَّانِي بِحَالٍ " فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ مَا قَبْلَ التَّوْبَةِ أَوْ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَيَكُونُ كَقَوْلِنَا.

(وَلَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا (تَوْبَةُ الزَّانِي بِهَا إذَا نَكَحَهَا) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ الزَّانِيَةَ كَالزَّانِي بِغَيْرِهَا (وَإِنْ زَنَتْ امْرَأَةٌ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ (أَوْ) زَنَى (رَجُلٌ قَبْل الدُّخُولِ) بِزَوْجَتِهِ (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) بِالزِّنَا لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا تُخْرِجُ عَنْ الْإِسْلَامِ أَشْبَهَ السَّرِقَةَ، لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَعْتَدَّ إذَا كَانَتْ هِيَ الزَّانِيَةَ وَيَأْتِي.

وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ لِلزَّوْجِ مُفَارَقَتَهُ امْرَأَتِهِ إذَا زَنَتْ وَقَالَ لَا أَرَى أَنْ يُمْسِكَ مِثْلَ هَذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن مِنْ أَنْ تُفْسِدَ فِرَاشَهُ، وَتُلْحِق بِهِ وَلَدًا لَيْسَ مِنْهُ وَإِنْ زَنَى بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ لَمْ يَطَأْ زَوْجَتَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا وَإِنْ زَنَى بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ.

(وَلَا يَطَأُ الرَّجُلُ أَمَتَهُ إذَا عَلِمَ مِنْهَا فُجُورًا) أَيْ زِنًا حَتَّى تَتُوبَ وَيَسْتَبْرِئُهَا خَشْيَةَ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>