الْمُنْتَهَى تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ تَقْتَضِي فَسَادَهُ.
وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى (وَلَوْ سَمَّى) الْمَهْرَ (لِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى صَحَّ نِكَاحُ مَنْ سُمِّيَ لَهَا) لِأَنَّ فِي نِكَاحِ الْمُسَمَّى لَهَا تَسْمِيَةً وَشَرْطًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سُمِّيَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ.
" فَائِدَةٌ ".
لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ وَتَكُونَ رَقَبَتُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِكَ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا سِوَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ وَإِذَا زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا صَحَّ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا.
وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ زَوْجهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَيَفْسُدَ الصَّدَاقُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(الثَّانِي: نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ) سُمِّيَ مُحَلِّلًا لِقَصْدِهِ الْحِلَّ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحْصُلُ فِيهِ الْحِلُّ (بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا (بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا أَوْ) يَتَزَوَّجهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَ (لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا أَوْ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ.
(أَوْ نَوَى) الْمُحَلِّلُ (ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا (وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ نِيَّتِهِ عِنْد الْعَقْدِ وَهُوَ) أَيْ النِّكَاحُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (حَرَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مَلْعُونَانِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُوَ الْمُحَلِّلُ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتُهَا أُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ قَالَ لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، إنْ أَعْجَبَتْكَ أَمْسَكْتَهَا وَإِنْ كَرِهْتَهَا فَارَقْتَهَا وَقَالَ كُنَّا نَعُدُّهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِفَاحًا وَقَالَ: لَا يَزَالَا زَانِيَيْنِ وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً» إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرِيد أَنْ يُحِلّهَا وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute