للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مُعَيَّنٌ صَحَّ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا كَمَنَافِعِ الدَّارِ (حَتَّى وَلَوْ كَانَ لَا يَحْفَظُهُ وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ) أَيْ تَعَلَّمَتْ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ (أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا) بِأَنْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةً فَتَعَذَّرَ (لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِالْوَاجِبِ؛ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ.

(وَإِنْ عَلَّمَهَا) مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ (ثُمَّ نَسِيَتْهَا) أَيْ: الصَّنْعَةَ الَّتِي عَلَّمَهَا إيَّاهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّاهَا.

(وَإِنْ لَقَّنَهَا الْجَمِيعَ وَكُلَّمَا لَقَّنَهَا شَيْئًا نَسِيَتْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ تَعْلِيمًا) لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ تَعْلِيمًا (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

(وَإِنْ جَاءَتْهُ بِغَيْرِهَا لِيُعَلِّمَهُ مَا كَانَ يُرِيدُ يُعَلِّمُهَا) لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَأَتَتْهُ بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (أَوْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ يُعَلِّمُهَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ) لِأَنَّ الْمُعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَوْجُهَا.

(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُول وَقَبْلَ تَعْلِيمهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ) أَيْ: نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِ تَعْلِيمِ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمهُ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ فَلَا يُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمهَا الْفِتْنَةُ.

(وَ) عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ التَّعْلِيم وَبَعْد (الدُّخُولِ كُلِّهَا) أَيْ: كُلِّ الْأُجْرَةِ لِاسْتِقْرَارِ مَا أَصْدَقَهَا بِالدُّخُولِ (وَإِنْ كَانَ) طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (بَعْدَ تَعْلِيمِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ) لِأَنَّ الطَّلَاق قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ التَّعْلِيمِ مُتَعَذَّرٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ (وَلَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ التَّعْلِيمِ (رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْأُجْرَةِ كَامِلَةً) لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالتَّعْلِيمِ.

(وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ يَصِحَّ) الْإِصْدَاقُ لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: ٢٥] وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآن قُرْبَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا كَالصَّوْمِ.

وَحَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ قِيلَ مَعْنَاهُ زَوَّجْتُكَهَا لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ فَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَتَى أُمِّ سُلَيْمٍ يَخْطُبُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَتْ: أَتَزَوَّجُكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ خَشَبَةً نَحَتَهَا عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ إنْ أَسْلَمْتَ تَزَوَّجْتُ بِكَ قَالَ فَأَسْلَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>