وُجُوبَ جَمِيعَهُ بِالْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ جَمِيعُهُ وَإِنْ كَانَتْ مَلَكَتْ نِصْفَهُ (فَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ (مُعَيَّنًا كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالْمَاشِيَةِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهَا فَكَانَ لَهَا ذَلِكَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهَا (وَنَمَاؤُهُ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ لَهَا وَزَكَاتُهُ وَنَقْصُهُ وَضَمَانُهُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمِلْكِ (فَإِنْ زَكَّتْهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ ضَمَانُ الزَّكَاءِ كُلِّهِ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْهُ أَشْبَهَ مَا مَلَكَتْهُ بِالْبَيْعِ (إلَّا أَنْ يَمْنَعهَا) الزَّوْجُ (قَبْضَهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ (فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ) وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهَا وَإِنْ نَقَصَ فَالنَّقْصُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالزِّيَادَةُ لَهَا وَإِنْ نَقَصَ فَالنَّقْصُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ (إلَّا أَنْ يَتْلَفَ) الصَّدَاقُ لِمُعَيَّنٍ (بِفِعْلِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ) أَيْ إتْلَافُهُ (قَبْضًا مِنْهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ) كَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ يُتْلِفُهُ الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ (غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ مَلَكَتْهُ) بِالْعَقْدِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا) إلَّا بِقَبْضِهِ (وَلَمْ تَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَبِيعًا وَحُوِّلَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مِنْ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَحَوَّلَهُ مِنْ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا هُوَ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ إذَا تَلِفَ لَمْ يَبْطُلْ الصَّدَاقُ بِتَلَفِهِ) بَلْ يَضْمَنهُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ.
(وَإِنْ قَبَضَتْ) الْمَرْأَةُ (صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ (قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ عَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا) بِحَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] الْآيَةَ (وَلَوْ) كَانَ الْبَاقِي بِحَالِهِ مِنْ الصَّدَاقِ (النِّصْفُ فَقَطْ وَلَوْ) كَانَ (النِّصْفُ مَشَاعًا) فَيَرْجِعُ بِهِ.
(وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْهُ) أَيْ يَخْتَرْ تَمَلُّكهُ (كَالْمِيرَاثِ) لِلْآيَةِ السَّابِقَة لِأَنَّ قَوْلَهُ {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ لَكُمْ أَوْ لَهُنَّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَيْنُونَةَ النِّصْفِ لَهُ أَوْ لَهَا بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَمْ يُفْتَقَرْ إلَى اخْتِيَارِهِ كَالْإِرْثِ (فَمَا حَصَلَ مِنْ نَمَائِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ (كُلِّهِ بَعْدَ دُخُولِ نِصْفِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (فَهُوَ بَيْنَهُمَا) : أَيْ الزَّوْجَيْنِ (نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ.
(فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (تَصَرَّفَتْ فِي الصَّدَاقِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ كِتَابَةٍ مُنِعَ) ذَلِكَ (الرُّجُوعُ فِي نِصْفِهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَنْقُل الْمِلْكَ أَوْ يَمْنَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute