لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: لَا تَرْجِعُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا عَلَى زَوْجٍ (بِنَمَائِهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ (وَيُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهِ صِفَتُهُ يَوْمَ قَبَضَتْهُ) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي مَلَكَتْهُ فِيهِ (وَيَجِبُ رَدُّهُ) أَيْ: رَدُّ نِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ بَقَائِهِ (بِعَيْنِهِ) كَالْمُعَيَّنِ.
(وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَلِيُّ الْعُقْدَةِ الزَّوْجُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرَوَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَلِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَطْعِهِ وَفَسْخِهِ وَإِمْسَاكِهِ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] وَالْعَفْوُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى هُوَ عَفْوُ الزَّوْجِ عَنْ حَقِّهِ وَأَمَّا عَفْوُ وَلِيّ الْمَرْأَةِ عَنْ مَالِهَا فَلَيْسَ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلِأَنَّ الْمَهْرَ مَالُ الزَّوْجَةِ فَلَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ إسْقَاطَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهَا وَحُقُوقِهَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْعُدُولُ عَنْ خِطَابِ الْحَاضِرِ إلَى خِطَابِ الْغَائِبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: ٢٢] .
(فَإِذَا طَلَّقَ) الزَّوْجُ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ وَسَائِرِ مَا يُقَرِّرُ الصَّدَاقَ (فَأَيُّهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (عَفَا لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْمَهْرِ وَهُوَ جَائِزُ الْإِبْرَاءِ فِي مَالِهِ) بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] .
(فَإِنْ كَانَ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (دَيْنًا سَقَطَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْإِسْقَاطِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّرْكِ وَلَا يَفْتَقِرُ) إسْقَاطُهُ (إلَى قَبُولٍ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْهِبَةِ.
(وَإِنْ) كَانَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (عَيْنًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَعَفَا الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ فَهُوَ هِبَةٌ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْعَفْوِ: وَالْهِبَةِ وَالتَّمَلُّكِ وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ) لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ ذَلِكَ أَصَالَةً (وَيَفْتَقِرُ) لُزُومُ الْعَفْوِ عَنْ الْعَيْنِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ (إلَى الْقَبْضِ فِيمَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَلَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْقَبْضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَبْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، فَقَبْضُ مَا لَا يُنْقَلُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَوْ أُسْقِطَ فِيمَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِمَا سَبَقَ.
وَيُوهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ مِنْ الْهِبَةِ فِيمَا بِيَدِ الْوَاهِبِ مَا يَلْزَمُهُ بِلَا قَبْضٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَإِنْ عَفَا غَيْرُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ) زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً (صَحَّ الْعَفْوُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute