للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْوَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ اسْتِيفَاءُ الْمَقْصُودِ فَاسْتَقَرَّ الْعِوَضُ (وَ) يُقَرِّرُهُ أَيْضًا (طَلَاقٌ فِي مَرَضِ مَوْتِ) الزَّوْجِ الْمَخُوفِ (قَبْلَ دُخُولِهِ) بِهَا.

الْمَخُوفُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِرَارًا ثُمَّ مَاتَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا بِالْمَوْتِ لِوُجُوبِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَوَجَبَ كَمَالُ الْمَهْرِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَصَوَابُهَا مَا قُلْتُهُ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ (وَ) يُقَرِّرُهُ أَيْضًا (خَلْوَةُ) الزَّوْجِ (بِهَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَزَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ رَوَى أَحْمَدُ وَالْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: " قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ أَوْجَبَ الْمَهْرَ، وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ " وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ.

وَهَذِهِ قَضَايَا اُشْتُهِرَتْ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُسْتَحَقَّ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْبَدَلُ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا أَوْ كَمَا لَوْ أَجَرَتْ دَارَهَا وَسَلَّمَتْهَا أَوْ بَاعَتْهَا وَأَمَّا وقَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَنَّى بِالْمُسَبَّبِ عَنْ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْخَلْوَةُ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١] فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ " الْإِفْضَاءُ الْخَلْوَةُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ " لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ وَهُوَ الْخَالِي فَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَدْ خَلَا بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وَيُشْتَرَطُ لِلْخَلْوَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنْ تَكُونَ (مِنْ بَالِغٍ وَمُمَيِّزٍ وَلَوْ) كَانَ (كَافِرًا وَأَعْمَى نَصًّا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، عَاقِلًا وَمَجْنُونًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ الزَّوْج مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً.

(وَلَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (الْخَالِي) بِزَوْجَتِهِ (أَعْمَى أَوْ نَائِمًا مَعَ عِلْمِهِ) بِأَنَّهَا عِنْدَهُ (إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ) الزَّوْجَةُ مِنْ وَطْئِهَا، فَإِنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ التَّمْكِينُ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْخَلْوَةُ مُقَرَّرَةً (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ) وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ وَقَدْ خَلَا.

(وَبِمَنْ يُوطَأُ مِثْلَهَا) فَإِنْ كَانَ دُونَ عَشْرٍ أَوْ كَانَتْ دُونَ تِسْعٍ لَمْ يَتَقَرَّرْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْوَطْءِ (وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>