للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْش الْبَكَارَةِ (مَا بَيْنَ مَهْرِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَكَلَامُهُمَا أَوَّلًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حُكُومَةٌ، قَالَا لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ دَيْنِهِ فَرُجِعَ فِيهَا إلَى الْحُكُومَةِ كَسَائِرِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ.

(وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ أَذْهَبَ الْعُذْرَةَ بِغَيْرِ وَطْءٍ (الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) مَهْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى نِصْفِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَضْمَنهُ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ.

(وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا الْحَالَّ كُلَّهُ أَوْ الْحَالَّ مِنْهُ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تُتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمَهْرُ عَلَيْهَا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسَمَّى لَهَا وَالْمُفَوِّضَةِ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (الْمُطَالَبَةَ بِهِ) أَيْ بِحَالِ مَهْرِهَا.

(وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) الزَّوْجُ (مُكْرَهَةً) قَبْلَ دَفْعِ الْحَالِّ مِنْ صَدَاقِهَا (لَمْ يَسْقُطْ بِهِ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ) فَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْحَالَّ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ وَطْأَهَا مُكْرَهَةً كَعَدَمِهِ.

(وَحَيْثُ قُلْنَا لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا فَلَهَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِحَقٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ، فَصَارَتْ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَبَقَاءُ دِرْهَمٍ مِنْهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَلَهَا) زَمَنَ مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ حَالِّ صَدَاقِهَا (النَّفَقَةُ إنْ صَلُحَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِالصَّدَاقِ، لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ عَلَّلَ بِهِ أَحْمَدُ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَلَدُ صَاحِبِ الْمُغْنِي: إنَّمَا لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَوْ بَذَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَهِيَ غَائِبَةٌ لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُهَا وَبِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (مَحْبُوسَةً، أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَجَبَ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ) كَمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَلِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ.

(وَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا (لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الطَّلَب بِهِ (وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ الدُّخُولِ) فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا، فَاسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ.

(وَإِنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>