فَلَا إقَامَةَ لِلْأَكْثَرِ مُقَامِ الْكُلِّ قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ.
(وَ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (تَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ) فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ) أَيْ الْأَكْلِ (أَوْلَى) حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الْحِلُّ (لِلشَّكِّ وَيَنْبَغِي صَرْفُ الشُّبُهَاتِ فِي الْأَبْعَدِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَقْرَبُ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِنِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَنَحْوِهِ) .
فَيُجْرَى فِيهِ الْحَلَالُ (ثُمَّ مَا وَلِيَ الظَّاهِرُ مِنْ اللِّبَاسِ فَإِنْ دَعَاهُ الْجَفَلَى) كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ (أَوْ) دَعَاهُ (فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ) كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا (أَوْ) دَعَاهُ (ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ) لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ وَذَلِكَ يُنَافِي إجَابَتَهُ (وَتُسْتَحَبُّ) الْإِجَابَةُ (فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَإِنْ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَكَرَجُلٍ) فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (إلَّا مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ) فَتَحْرُمُ الْإِجَابَةُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُحَرَّمٍ.
(وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ نَصًّا) وَتَقَدَّمَ (غَيْرُ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ) وَتَقَدَّمَتْ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ (وَ) غَيْرُ (مَأْتَمٍ فَتُكْرَه) وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ، وَالْمَأْتَمِ بِالْمُثَنَّاةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمَأْتَمُ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمَعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْغَمِّ وَالْفَرَحِ، ثُمَّ خُصَّ بِهِ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ فِي الْمَوْتِ وَقِيلَ هُوَ لِلشَّوَابِّ مِنْهُنَّ لَا غَيْرُ (وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ الْإِسْرَاعُ إلَى الْإِجَابَةِ) إلَى الْوَلَائِمِ غَيْرُ الشَّرْعِيَّةِ (وَالتَّسَامُحِ) أَيْ التَّسَاهُلِ (فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ بِذْلَةً وَدَنَاءَةً وَشَرّ هًا لَا سِيَّمَا الْحَاكِمَ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ ذَرِيعَةً لِلتَّهَاوُنِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ.
(وَإِنْ حَضَرَ) الْمَدْعُوُّ إلَى وَلِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لَمْ يُفْطِرْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَلِأَنَّ الْفِطْرَ مُحَرَّمٌ وَالْأَكْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي رِوَايَةٍ " فَلْيَصِلْ " أَيْ يَدَعُ (وَدَعَا) لِلْخَبَرِ (وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ صَائِمٌ) كَمَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ لِتَزُولَ عَنْهُ التُّهْمَةُ تَرْكِ فِي الْأَكْلِ (ثُمَّ انْصَرَفَ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا اُسْتُحِبَّ الْأَكْلُ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إكْرَامِ الدَّاعِي وَجَبْرُ قَلْبِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا وَانْصَرَفَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» قَالَ فِي الشَّرْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute