أَنْ يُشِيرَ بِهَا أَخْرَسُ وَنَحْوِهِ كَالْوُضُوءِ (وَيَحْمَدُ اللَّهَ) الْآكِلُ وَالشَّارِبُ (جَهْرًا إذَا فَرَغَ) مِنْ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيَقُولُ) إذَا فَرَغَ مِنْ أَكْلِهِ (مَا وَرَدَ وَمِنْهُ) مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» وَمِنْهُ أَيْضًا مَا رَوَى مُعَاذُ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ) وَمِنْهُ «أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» ) لِلْخَبَرِ.
(وَيُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ الْأَكْلِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ يَسْتَأْذِنُ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَيَنْصَرِفُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: ٥٣] (١) (وَيُسَمِّي الشَّارِبُ عِنْدَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُ عِنْدَ كُلِّ قَطْعٍ) وَقَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي أَكْلِ كُلِّ لُقْمَةٍ فَعَلَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ.
(وَيُكْرَه الْأَكْل مِنْ ذُرْوَةِ الطَّعَامِ) أَيْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ (وَمِنْ وَسَطِهِ بَلْ) يَأْكُلُ (مِنْ أَسْفَلِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَدَعُوا ذُرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ (وَكَذَلِكَ الْكَيْلُ) لِلْعِلَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَيُكْرَه نَفْخٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) لِيَبْرُدَ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ فِي الطَّعَام وَالشَّرَابِ وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ لَا يُكْرَه النَّفْخُ وَالطَّعَامُ حَارٌّ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ.
(وَ) يُكْرَه (التَّنَفُّسُ فِي إنَاءَيْهِمَا) لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَادَ إلَيْهِ مِنْ فِيهِ شَيْءٌ (وَأَكْلُهُ حَارًّا) لِأَنَّهُ لَا بَرَكَةَ فِيهِ كَمَا فِي الْخَبَرِ (إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ) إلَى أَكْلِهِ حَارًّا فَيُبَاحُ.
(وَ) يُكْرَه أَيْضًا أَكْلُهُ (مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ إنْ كَانَ الطَّعَامُ نَوْعًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا) أَيْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا بَأْس (أَوْ) كَانَ الطَّعَامُ (فَاكِهَةً) فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَدَكِ فَأَقْبَلْنَا نَأْكُلُ فَخَبَطَتْ