للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُفْسَخ نِكَاحُ الْمَفْقُودِ إذَا تَرَكَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَتَهَا) ، أَوْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَوْ مَنْ يَفْرِضُهَا عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمُسَافِرِ (عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) لِمَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْرُسُ الْمَدِينَةَ فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ تَقُولُ:

تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ ... وَطَالَ عَلَيَّ أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبهُ

فَوَاَللَّهِ لَوْلَا خَشْيَةُ اللَّهِ وَالْحَيَا ... لَحُرّك مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهُ

فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ: لَهُ فُلَانَة زَوْجُهَا غَائِبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا امْرَأَةً تَكُونُ مَعَهَا وَبَعَثَ إلَى زَوْجِهَا فَأَقْفَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ: بُنَيَّةُ كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِثْلُك يَسْأَلُ مِثْلِي عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أُرِيدُ النَّظَرَ لِلْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلْتُكِ فَقَالَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَوَقَّتَّ لِلنَّاسِ فِي مَغَازِيهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَسِيرُونَ شَهْرًا وَيُقِيمُونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيَرْجِعُونَ فِي شَهْرٍ وَمَحَلُّ لُزُومِ قُدُومِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ) فِي سَفَرِهِ كَطَلَبِ عِلْمٍ (أَوْ كَانَ فِي غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ وَاجِبَيْنِ أَوْ) فِي (طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ نَصًّا) فَلَا يَلْزَمُهُ الْقُدُومُ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُذْر يُعْذَرُ مِنْ أَجْلِ عُذْرِهِ (فَيَكْتُبُ إلَيْهِ الْحَاكِم) لِيُقْدِمَ.

(فَإِنْ أَبَى أَنْ يُقْدِمَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ مُرَاسَلَةِ الْحَاكِمِ إلَيْهِ فَسَخَ) الْحَاكِمُ (نِكَاحَهُ نَصًّا) لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقًّا عَلَيْهِ يَتَضَرَّرُ بِهِ أَشْبَهَ الْمَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُرَاسَلَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُقْنِعِ وَلَا الْفُرُوعِ وَلَا الْإِنْصَافِ وَتَبِعَهُمْ فِي الْمُنْتَهَى وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ وَذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ بِقِيلَ.

(وَإِنْ غَابَ) زَوْجٌ (غَيْبَةً ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ) كَتَاجِرٍ وَأَسِيرٍ عِنْدَ مَنْ لَيْسَتْ عَادَتُهُ الْقَتْلُ (وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ) أَيْ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ (وَتَضَرَّرَتْ زَوْجَتُهُ بِتَرْكِ النِّكَاحِ) مَعَ وُجُودِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا (لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُهَا) لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْر.

(يُسَنُّ) لِمَنْ أَرَادَ وَطْئًا (أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْوَطْءِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: ٢٢٣] قَالَ عَطَاءٌ هُوَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيّ قَالَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>