للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنَّ عَضَلَهَا أَيْ ضَارّهَا بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا أَوْ مَنَعَهَا حُقُوقَهَا مِنْ الْقَسْم وَالنَّفَقَة وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ نَقَصَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (ظُلْمًا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَض مَرْدُود وَالزَّوْجِيَّة بِحَالِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: ١٩] وَلِأَنَّ مَا تَفْتَدِي بِهِ نَفْسهَا مَعَ ذَلِكَ عِوَضٌ أُكْرِهَتْ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذُهُ مِنْهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ طَلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) وَلَمْ تَبِنْ مِنْهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّتِهِ كَانَ (لَغْوًا) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِنْ فَعَلَ) الزَّوْجُ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُضَارَةِ بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْحُقُوقِ (لَا لِتَفْتَدِيَ) مِنْهُ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْضُلْهَا لِيَذْهَبَ بِبَعْضِ مَالِهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْمُ الظُّلْمِ (أَوْ فَعَلَهُ لِزِنَاهَا أَوْ نُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا) كَصَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ (فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ) لِقَوْلِهِ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩] وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهَا.

(وَلَا يَفْتَقِر الْخُلْعُ إلَى حَاكِمٍ نَصًّا) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلِأَنَّهُ إنْ قِيلَ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَانَ كَالْبَيْعِ أَوْ قِيلَ إنَّهُ قَطْعُ عَقْدٍ بِالتَّرَاضِي كَانَ كَالْإِقَالَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَاكِمٍ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ الْخُلْعِ (فِي الْحَيْضِ) إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِدْخَالِ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى نَفْسِهَا.

(وَ) لَا بَأْسَ بِهِ فِي (الطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الْحَيْضِ) .

وَيَصِحُّ الْخُلْعُ (مِنْ كُلِّ زَوْج يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا) بَالِغًا أَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجٌ يَصِحّ طَلَاقُهُ فَصَحَّ خُلْعُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا مَلِكَ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى وَظَاهِرْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ.

وَقَالَ فِي الِاخْتِبَارَاتِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ الْعُنَّة أَوْ الْإِعْسَارِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فِيهَا الْفُرْقَةَ (وَيَقْبِضُ) الزَّوْج (عِوَضهُ) إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (وَإِنْ) كَانَ (مُكَاتَبًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ لِفَلَسِ) لِأَهْلِيَّتِهِ لِقَبْضِهِ.

(فَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَعَبْدٍ) فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>