للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ إنَّ عَمَّك عَصَى اللَّهَ وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]- إلَى قَوْلِهِ - {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]- ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ - {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: ٤] وَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ وَلَمْ يَجْعَلْ، اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا وَلَا مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا.

وَرَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ «أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ» .

وَفِي حَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا قَالَ إذَنْ عَصَيْتَ وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ لِلْبُضْعِ بِالْقَوْلِ فَأَشْبَهَ الظِّهَارَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الظِّهَارَ يَرْتَفِعُ بِالتَّكْفِيرِ وَهَذَا لَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ إلَى رَفْعِهِ بِحَالٍ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدِهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدِهِمْ وَأَمَّا مَا رَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَيِّ شَيْءٍ تَدْفَعُهُ قَالَ أَدْفَعُهُ بِرِوَايَةِ النَّاسِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافَهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عِدَّةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافَهُ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَقِيلَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُطَلِّقُونَ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ عُمَرُ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَكُونُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُفْتِي بِخِلَافِهِ.

(أَوْ) طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (بِكَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ) طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (فِي أَطْهَارٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ حَرُمَ) ذَلِكَ (نَصًّا) لِمَا تَقَدَّمَ (لَا) إنْ طَلَّقَهَا (اثْنَتَيْنِ) فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ رَجْعَتِهَا إذَا نَدِمَ فَلَمْ يَسُدَّ الْمَخْرَجَ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ طَلْقَةً جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ تَحْصُل لَهُ بِهَا فَكَانَ مَكْرُوهًا كَتَضْيِيعِ الْمَالِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَا بِدْعَةَ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثُ (بَعْد رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ) كَإِنْ طَلَّقَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>