للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَتَقَدَّمَتْ) مُفَصَّلَةً (وَتَأْتِي بَقِيَّتُهَا) أَيْ: الشُّرُوطِ.

(وَالْخَامِسُ دُخُولُ الْوَقْتِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ دُلُوكُهَا إذَا فَاءَ الْفَيْءُ، وَيُقَالُ: هُوَ غُرُوبُهَا: وَقِيلَ طُلُوعُهَا، وَهُوَ غَرِيبٌ قَالَ عُمَرُ الصَّلَاةُ لَهَا وَقْتٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لَهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا بِهِ وَحَدِيثُ جِبْرِيلَ حِينَ أَمَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ.

(وَتَجِبُ الصَّلَاةُ بِدُخُولِ أَوَّلِ وَقْتِهَا) فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ: وُجُوبًا مُوَسَّعًا، بِمَعْنَى أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ يَفْعَلُهَا إذَا قَدَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْفَوْرِ وَلِأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ، فَالْوَقْتُ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ وَهُوَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ: الْخِطَابُ.

(وَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ) الْعَيْنِيَّةُ (خَمْسٌ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَجِبُ إلَّا لِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ وَأَمَّا الْوَتْرُ فَسَيَأْتِي، وَالْكَلَامُ عَلَى الْجُمُعَةِ يَأْتِي فِي بَابِهَا (الظُّهْرُ) وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الظُّهُورِ إذْ هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي وَسَطِ النَّهَارِ، وَالظُّهْرُ: لُغَةً: الْوَقْتُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَشَرْعًا: صَلَاةُ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ وَقْتِهِ (وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ) إجْمَاعًا (وَهِيَ) أَيْ: الظُّهْرُ.

(الْأُولَى) قَالَ عِيَاضٌ: هُوَ اسْمُهَا الْمَعْرُوفُ لِبُدَاءَةِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَا لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْبُدَاءَةِ بِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ ظَهَرَ أَمْرُهُ وَسَطَعَ نُورُهُ، مِنْ غَيْرِ خَفَاءٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْفَجْرِ لَخَتَمَ بِالْعِشَاءِ ثُلُثَ اللَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ خَفَاءٍ فَلِذَلِكَ خَتَمَ بِالْفَجْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ ظُهُورٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ يَضْعُفُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ وَيَبْدَأُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ بِالْفَجْرِ، لِبُدَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا السَّائِلَ وَلِأَنَّهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ فَإِنْ قِيلَ: إيجَابُهَا كَانَ لَيْلًا وَأَوَّلُ صَلَاةٍ تَحْضُرُ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ الْفَجْرُ فَلِمَ لَمْ يَبْدَأْ بِهَا جِبْرِيلُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ وُجِدَ تَصْرِيحٌ أَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِهَا لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ مُجْمَلَةٌ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إلَّا عِنْدَ الظُّهْرِ.

(وَتُسَمَّى الْهَجِيرَ) لِفِعْلِهَا وَقْتَ الْهَاجِرَةِ (وَوَقْتُهَا مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ وَهُوَ مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>