(وَلَا يَقَعْ) الطَّلَاقُ (بِقَوْلِهَا) لِزَوْجِهَا (أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُكِ) لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَثْرَمُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ الطَّلَاقَ لَكَ وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْكَ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَّصِفُ بِأَنَّهُ مُطَلَّقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ.
(قَالَ فِي الرَّوْضَةِ صِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ وَإِنْ قَالَتْ أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ وَحُكْمُ الْوَكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ حُكْمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةُ (فِيمَا تَقَدَّمَ) وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ (فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِيقَاعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (الصَّرِيحِ) بِأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ (أَوْ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةِ) الطَّلَاقِ لِأَنَّ وَكِيلَ كُلِّ إنْسَانٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَقَعُ مِنْهُ بِالْكِنَايَةِ.
(وَلَوْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا أَوْ وَكَّلْتُكَ أَنْ تُطَلِّقَهَا وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (وَلَفْظُ أَمْرٍ وَاخْتِيَارٍ وَطَلَاقٍ لِلتَّرَاخِي فِي حَقِّ وَكِيلِ) فَإِذَا قَالَ لَهُ أَمْرُ فُلَانَةَ بِيَدِكَ أَوْ اخْتَرْ طَلَاقَهَا أَوْ طَلِّقْهَا مَلَكَ عَلَى التَّرَاخِي (وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْيِيرُ نِسَائِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ وَخَيَّرَهُنَّ وَبَدَأَ بِعَائِشَةَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا.
(وَإِنْ وَهَبَهَا) أَيْ وَهَبَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (لِأَهْلِهَا) بِأَنْ قَالَ وَهَبْتُهَا لِأَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا وَنَحْوَهُ (أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ وَهَبَهَا لِنَفْسِهَا فَرُدَّتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ رَدَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ هِيَ الْهِبَةُ فَلَغْوٌ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكٌ لِلْبُضْعِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبُولِ كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ (أَوْ) قَبِلَ مَوْهُوبٌ لَهُ الْهِبَةَ لَكِنْ (لَمْ يَنْوِ) الزَّوْجُ بِالْهِبَةِ (طَلَاقًا) فَلَغْوٌ (أَوْ) قَبِلَ مَوْهُوبٌ لَهُ وَ (نَوَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (وَلَمْ يَنْوِهِ مَوْهُوبٌ لَهُ فَلَغْوٌ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِنِيَّتِهِمَا لَمْ يَقَعْ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ (كَبَيْعِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ زَوْجَتَهُ (لِغَيْرِهِ) كَأَنْ يَقُولُ بِعْتُكِ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ وَقَبِلَهُ زَيْدٌ وَنَوَاهُ (نَصًّا) لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الطَّلَاقِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً وَالطَّلَاقُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ حَمْدَانَ إنْ ذَكَرَ عِوَضًا مَعْلُومًا طَلُقَتْ مَعَ النِّيَّةِ وَالْقَبُولِ (وَإِنْ قُبِلَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ قَبِلَهَا مَوْهُوبٌ لَهُ غَيْرَهَا أَوْ هِيَ إنْ وَهَبَتْ لِنَفْسِهَا وَصِفَةُ قَبُولِ أَهْلِهَا أَنْ يَقُولُوا قَبِلْنَاهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ أَوْ هِيَ (فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ إذْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمِلٌ فَلَا يَحْتَمِلُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَقَوْلِهِ اخْتَارِي وَكَانَتْ رَجْعِيَّةً لِأَنَّهَا طَلْقَةً لِمَنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ فَكَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute