كَانُونَ الثَّانِي، وَتِشْرِينَ الثَّانِي عَلَى تِسْعَةٍ، وَفِي نِصْفِ كَانُونَ الْأَوَّلِ عَلَى عَشَرَةٍ وَسُدُسِ) قَدَمٍ وَذَلِكَ مُقَارِبٌ لِأَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَأَقْصَرُهَا سَابِعَ عَشَرَ كَانُونَ الْأَوَّلِ (وَتَزُولُ) الشَّمْسُ (عَلَى أَقَلَّ) مِنْ ذَلِكَ (وَ) عَلَى (أَكْثَرَ) مِنْهُ (فِي غَيْرِ ذَلِكَ) الْوَقْتِ وَالْإِقْلِيمِ فَإِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ وَعَلِّمْ الْمَوْضِعَ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ ظِلُّكَ، ثُمَّ ضَعْ قَدَمَكَ الْيُمْنَى بَيْنَ يَدَيْ قَدَمِكَ الْيُسْرَى وَأَلْصِقْ عَقِبَكَ بِإِبْهَامِكِ فَإِذَا بَلَغْتَ مِسَاحَةَ هَذَا الْقَدْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ النَّقْصِ فَهُوَ وَقْتُ زَوَالِ الشَّمْسِ.
قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَطُولُ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَثُلُثَانِ بِقَدَمِهِ تَقْرِيبًا) وَقَدْ تَنْقُصُ فِي بَعْضِ النَّاسِ يَسِيرًا، أَوْ تَزِيدُ يَسِيرًا (وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ) الظِّلِّ (الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، إنْ كَانَ) ثَمَّ ظِلٌّ زَالَتْ عَلَيْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ فَتُضْبَطُ مَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ الظِّلِّ ثُمَّ تُنْظَرُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فَإِذَا بَلَغَتْ قَدْرَ الشَّخْصِ فَقَدْ انْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ (وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا) أَيْ: الظُّهْرِ لِمَا رَوَى أَبُو بَرْزَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْهَجِيرَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى حِينَ تُدْحَضُ الشَّمْسُ وَقَالَ جَابِرٌ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِلظُّهْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا مِنْ عُمَرَ» حَدِيثٌ حَسَنٌ (وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ التَّعْجِيلِ بِالتَّأَهُّبِ لَهَا) أَوْ لِغَيْرِهَا مِمَّا يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا (إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ) بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِ دُخُولِ الْوَقْتِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حِينَئِذٍ مُتَوَانِيًا وَلَا مُقَصِّرًا (إلَّا فِي شِدَّةِ حَرٍّ فَيُسَنُّ التَّأْخِيرُ، وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ حَتَّى يَنْكَسِرَ) الْحَرُّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» وَفَيْحُ جَهَنَّمَ: هُوَ غَلَيَانُهَا وَانْتِشَارُ لَهَبِهَا وَوَهَجِهَا (وَ) إلَّا (فِي غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي) الظُّهْرَ (فِي جَمَاعَةٍ) فَيُؤَخِّرُهَا (إلَى قُرْبِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ) أَيْ: الْعَصْرِ لِمَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الظُّهْرَ وَيُعَجِّلُونَ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْمُغَيِّمِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُخَافُ فِيهِ الْعَوَارِضُ مِنْ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ، فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا، فَاسْتُحِبَّ تَأْخِيرُ الْأُولَى مِنْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِيَقْرُبَ مِنْ الثَّانِيَةِ، لَكِنْ يَخْرُجُ لَهُمَا خُرُوجًا وَاحِدًا طَلَبًا لِلْأَسْهَلِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا.
(فِي غَيْرِ صَلَاةِ جُمُعَةٍ فَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا فِي كُلِّ حَالٍ بَعْدَ الزَّوَالِ) حَرًّا كَانَ أَوْ غَيْمًا أَوْ غَيْرَهُمَا لِقَوْلِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَا كُنَّا نُقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ «كُنَّا نُجْمِعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَتَبَّعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute