للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَا تَطْلُقُ إذَا لَمْ تَكُنْ دَخَلْتَ) الدَّارَ (قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِدُونِهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِعِلَّةٍ مَذْكُورَةٍ فِي اللَّفْظِ أَوْ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَقَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِالْمَذْهَبِ غَيْرُهُ وَلَا تَقْتَضِي قَوَاعِدُ الْأَئِمَّةِ غَيْرَهُ.

فَإِذَا قِيلَ لَهُ امْرَأَتُكَ قَدْ شَرِبَتْ مَعَ فُلَانٍ وَبَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي بَيْتِهَا قَائِمَةً تُصَلِّي فَإِنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ قَطْعًا وَأَطَالَ فِيهِ (وَلِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ زَنَتْ زَوْجَتُكَ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزْنِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَ السَّبَبَ) الَّذِي لِأَجَلِهِ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ (كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وَأَوْلَى) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَطَالَ فِيهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ ثِيَابَهَا فَلَبِسَتْهَا فَرَآهَا زَوْجُهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَابِ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتِ أَنْتِ طَالِقٌ قَالَ يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَنَصَّ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الطَّلَاقَ فَإِنَّمَا أَوْقَعَهُ عَلَيْهَا لِخُرُوجِهَا الَّذِي مَنَعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

(وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ التَّعْلِيلُ لَا التَّعْلِيقُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ دَخَلْتِ أَوْ لَمْ تَدْخُلِي (وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ (فَإِنْ نَوَى) بِهِ (الْجَزَاءَ) قُبِلَ حُكْمًا (أَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ) كَعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ (ثُمَّ أَمْسَكَ قُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ إقَامَةَ الْوَاوِ مَقَامَ الْفَاءِ) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَعَبْدِي حُرٌّ صَحَّ) التَّعْلِيقُ (وَلَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ وَهِيَ طَالِقٌ) لِأَنَّ جُمْلَةَ وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ دَخَلْتَ وَالْحَالُ قَيْدٌ فِي عَامِلهَا.

(وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءٍ مُتَأَخِّرٍ فَشَرْطٌ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ) الدَّارَ لِأَنَّهُ أَتَى بِحَرْفِ الشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا حَذَفَ الْفَاءَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَمَهْمَا أَمْكَنَ حُمِلَ كَلَامُ الْعَاقِلِ عَلَى فَائِدَةٍ وَتَصْحِيحُهُ وَجَبَ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ وَقَعَ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ.

(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>