فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمْهُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ (وَكَانَتْ يَمِينُهُ مُنْصَرِفَةً) إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنِيَ الْمُسْتَحْلِفُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَمِينُكَ مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» .
وَفِي لَفْظٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْحَالِفُ (مَظْلُومًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ ظَالِمٌ عَلَى شَيْءٍ لَوْ صَدَقَهُ) أَيْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الصِّدْقِ (لَظَلَمِهِ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُ أَوْ نَالَ مُسْلِمًا) قُلْتُ أَوْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا (مِنْهُ ضَرَرٌ فَهُنَا لَهُ تَأْوِيلُهُ) لِحَدِيثِ سُوَيْد بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حَجَرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا فَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ «كُنْتَ أَبَرَّهُمْ وَأَصْدَقَهُمْ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ حَضَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ يَعْنِي الْكَيِّسَ الْفَطِنَ كَأَنَّهُ يَفْطِنُ التَّأْوِيلَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْكَذِبِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ) الْحَالِفُ (ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا وَلَوْ) كَانَ التَّأْوِيلُ (بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا وَمِزَاحُهُ أَنْ يُوهِمَ السَّامِعَ بِكَلَامِهِ غَيْرَ مَا عَنَاهُ وَهُوَ التَّأْوِيلُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَجُوزٍ «لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَجُوزٌ» يَعْنِي أَنَّ اللَّه يُنْشِئْهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا.
(وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (فِي الْحُكْمِ) دَعْوَى التَّأْوِيلِ (مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ وَ) مَعَ (تَوَسُّطِهِ) لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ وَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَى التَّأْوِيلِ (مَعَ بُعْدِهِ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْأَيْمَانِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا (فَ) مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأْوِيلِ أَنْ (يَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَ) يَنْوِي (بِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَ) يَنْوِي (بِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَ) يَنْوِي (بِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا ذَكَرْتُ فُلَانًا أَيْ مَا قَطَعْتُ ذِكْرَهُ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا رَأَيْتُهُ مَا ضَرَبْتُ رِئَتَهُ وَ) يَنْوِي (بِنِسَائِي طَوَالِقُ أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَقَارِبُ كَبَنَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ وَنَحْوِهِنَّ وَ) يَنْوِي (بِجَوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا كَاتَبْتُ فُلَانًا وَلَا عَرَفْتُهُ وَلَا أَعْلَمْتُهُ وَلَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً وَلَا أَكَلْتُ لَهُ دَجَاجَةً وَلَا فَرُّوجَةً وَلَا فِي بَيْتِي فَرْشٌ وَلَا حَصِيرٌ وَلَا بَارِيَّةٌ وَيَعْنِي) .
أَيْ يَقْصِدَ (بِالْمُكَاتَبَةِ) فِي قَوْلِهِ (مَا كَاتَبْتُ فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَ) يَنْوِي (بِالتَّعْرِيفِ) أَيْ فِي قَوْله مَا عَرَفْت فُلَانًا مَا (جَعَلْتُهُ عَرِيفًا أَوْ) يَنْوِي (بِالْإِعْلَامِ) فِي قَوْله مَا أَعْلَمْتُهُ (جَعَلْتُهُ أَعْلَمَ الشَّفَةِ) أَيْ مَشْقُوقَهَا أَوْ يَنْوِي (بِالْحَاجَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً (شَجَرَةً صَغِيرَةً وَ) يَنْوِي (بِالدَّجَاجَةِ فِي قَوْله) وَلَا أَكَلْتُ لَهُ دَجَاجَة بِتَثْلِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute