فَرَجْعَتُهَا صَحِيحَةٌ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْوَضْع وَبَانَ الْحَمْلُ مِنْ الثَّانِي صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ.
(وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ (بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) بِشُرُوطٍ وَتَقَدَّمَ (وَتَعُودُ) إلَيْهِ (عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا سَوَاءٌ رَجَعَتْ) إلَيْهِ (بَعْدَ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ) وَسَوَاءٌ (وَطِئَهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَطَأْهَا) هَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةً وَابْنِ عُمَرَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَمُعَاذٍ قَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا فِي الْإِحْلَالِ لِلْأَوَّلِ فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلَاقِ، كَوَطْءِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ قَبْلَ نِكَاحِ الْآخَرِ.
(وَإِنْ ارْتَجَعَهَا) الْمُطَلِّقُ (وَأَشْهَدَ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا رُدَّتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الَّذِي كَانَ رَاجَعَهَا بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهَا فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى عِلْمِهَا كَطَلَاقِهَا وَنِكَاحِ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا (وَلَا يَطَؤُهَا) الْمُرْتَجَعُ (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَصْلِ نِكَاحِهِ (وَلَهَا عَلَى الثَّانِي الْمَهْرُ) بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) الثَّانِي (مَعَ عِلْمِهِمَا) أَيْ عِلْمِ الثَّانِي وَالْمُطَلَّقَةِ (بِالرَّجْعَةِ أَوْ) تَزَوَّجَهَا مَعَ (عِلْمِ أَحَدِهِمَا) بِالرَّجْعَةِ (فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ، وَلَا شُبْهَةَ (وَالْوَطْءُ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ) مِنْهُمَا (وَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي فِي الْحَدِّ وَغَيْرِهِ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مَا دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِفَسَادِ النِّكَاحِ (وَرُدَّتْ إلَى الْأَوَّلِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي) مِنْ مَهْرٍ، وَلَا حَدَّ لِعَدَمِ مُوجِبِهِ.
(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُطَلِّقِ (بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ هِيَ وَزَوْجُهَا) الثَّانِي (رُدَّتْ إلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُمَا أَبْلَغُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ) الثَّانِي (فَقَطْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ (وَلَمْ تُسَلَّمْ إلَى الْأَوَّلِ) لِأَنَّ قَوْلَ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ) صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَمْ يُقْبَلْ (فَإِنْ كَانَ تَصْدِيقُهُ) أَيْ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فِي رَجْعَتِهَا (قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ بِتَصْدِيقِهِ.
(وَ) إنْ كَانَ تَصْدِيقُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَ (لَهَا الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute