للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظِهَارُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: الْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا (ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ) لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِي حَقِّهِ كَالْيَمِينِ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ، وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ.

(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ الذِّمِّيِّ) " لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فَوَجَبَ صِحَّةُ ظِهَارِهِ كَالْمُسْلِمِ وَ (كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَيُكَفِّرُ بِغَيْرِ صَوْمٍ) إمَّا بِالْعِتْقِ إنْ قَدَرَ أَوْ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ.

(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (طَلَاقِهِ وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْعَبْدِ) كَالْحُرِّ (وَيَأْتِي حُكْمُ تَكْفِيرِهِ) .

(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِمَّنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ فِي إفَاقَتِهِ كَطَلَاقِهِ) فِي إفَاقَتِهِ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ.

(وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الطِّفْلِ وَ) لَا ظِهَارُ (الْمُكْرَهِ وَ) لَا ظِهَارُ (الزَّائِلِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ مُسْكِرٍ مُكْرَهًا لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمْ.

(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ كَبِيرَةٍ كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ وَطْؤُهَا مُمْكِنٌ أَوْ غَيْرُ مُمْكِنٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا فَصَحَّ ظِهَارُهَا.

(فَإِذَا ظَاهَرَ) سَيِّدٌ مِنْ أَمَتِهِ (أَوْ) مِنْ (أُمّ وَلَدِهِ أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِأَمَتِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) كَتَحْرِيمِ سَائِرِ مَالَهُ وَقَالَ نَافِعٌ «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَارِيَتَهُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ» .

(وَإِنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا " أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَتْ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي فَلَيْسَ بِظِهَارٍ) لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَفْعَهُ فَاخْتَصَّ بِهِ الرَّجُلُ كَالطَّلَاقِ (وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ) أَيْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِأَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ " إنْ تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي فَاسْتَفْتَتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَوْهَا أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً وَتَتَزَوَّجهُ " رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّهَا زَوْجٌ أَتَى بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ كَالْآخَرِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَاسْتَوَى فِيهَا الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ قَالَهُ أَحْمَدُ وَ (لَا تَجِبُ) الْكَفَّارَةُ (عَلَيْهَا حَتَّى يَطَأَهَا مُطَاوَعَةً) كَالرَّجُلِ، إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا (وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهَا وَلَا يَسْقُطُ بِيَمِينِهَا بِاَللَّهِ.

(وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَطَأهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ) لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا تَحَقَّقَ مَعْنَى الظِّهَارِ فِيهَا، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ وَطْؤُهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعَلِمَ مِنْهُ صِحَّةَ الظِّهَارِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَرَوَاهُ أَحْمَد عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَصَحَّ عَقْدُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>