للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِضَعْفٍ عَنْ مَعِيشَتِهِ) الَّتِي يَحْتَاجُهَا (لَزِمَهُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) إجْمَاعًا لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ لِأَجْلِ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنْ الصِّيَامِ وَلَهُ نِهَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا وَهُوَ مِنْ أَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ (مُسْلِمًا حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا) لِأَنَّهُ مِسْكِينٌ فَجَازَ إطْعَامُهُ كَالْكَبِيرِ وَاعْتُبِرَ الْإِسْلَامُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ (وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مُحْتَاجٌ أَشْبَهَ الْكَبِيرَ (وَلَوْ مَجْنُونًا وَيَقْبِضُ لَهُمَا وَلِيُّهُمَا) أَيْ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ كَالزَّكَاةِ.

(وَيَجُوزُ دَفْعُهَا) إلَى مُكَاتَبَةِ كَالزَّكَاةِ (وَإِلَى) كُلِّ (مَنْ يُعْطَى مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمِسْكِينِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفَقِيرُ فَهُمَا صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ، صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي غَيْرهَا، وَيَدْخُل فِيهِ ابْنُ سَبِيلٍ وَغَارِمٌ لِنَفْسِهِ وَنَحْوَهُ (وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ (إلَى كَافِرٍ) كَالزَّكَاةِ (وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُهَا (إلَى قِنٍّ غَيْرِ مُكَاتَبٍ وَأَمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَتِهِ كَالْقِنِّ الصِّرْفِ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ (وَلَا إلَى مَنْ تَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُكَفِّرَ (مَئُونَتُهُ) كَزَوْجَتِهِ وَعَمُودَيْ نَسَبِهِ وَنَحْوِهِمْ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُدْفَعُ إلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ الْكَفَّارَةُ (وَيَجُوزُ) دَفْعُهَا (إلَى مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَوْ الْمَسْكَنَةُ) لِأَنَّ الْعِلْمَ بِبَاطِنِ الْأَمْرِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ (فَإِنْ بَانَ) الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ (غَنِيًّا أَجْزَأَهُ) كَالزَّكَاةِ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ وَ (لَا) تُجْزِئُ (إنْ) دَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ (بَانَ كَافِرًا أَوْ قِنًّا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى غَالِبًا كَالزَّكَاةِ.

(وَإِنْ رَدَّهَا عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَلَمْ يُطْعِمْ إلَّا مِسْكِينًا وَاحِدًا (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ فَيُجْزِيه) تَرْدِيدُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِهِ (وَإِنْ دَفَعَ إلَى مِسْكِينٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ أَجُزْأَهُ) لِأَنَّهُ دَفَعَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ إلَى الْعَدَدِ الْوَاجِبِ فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ وَ (كَمَا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ اثْنَيْنِ) وَلَوْ دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا إلَى ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ أَجْزَأَهُ ثَلَاثُونَ مُدًّا (وَيُطْعِمُ ثَلَاثِينَ آخَرِينَ لِيُتِمَّ لَهُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ، لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ فَلَا يُجْزِيهِ أَقَلَّ مِنْهُ (فَإِنْ دَفَعَ السِّتِّينَ) مُدًّا إلَى ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مِنْ كَفَّارَتَيْنِ جَزَاهُ عَنْ كُلِّ كَفَّارَةٍ ثَلَاثُونَ وَيُتَمِّمُ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ إلَى الْعَدَدِ الْوَاجِبِ فَأَجْزَأ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَالْمُخْرَجُ فِي الْكَفَّارَةِ مَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ) وَهُوَ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَدَقِيقِهِمَا وَسُوَيْقِهِمَا وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقْطُ (فَإِنْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ غَيْرَ ذَلِكَ كَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالْأُرْزِ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهُ) لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِإِخْرَاجِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فِي الْفِطْرَةِ فَلَمْ يَجُزْ غَيْرُهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ بَلَدِهِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُوَفَّقِ وَغَيْرُهُمَا يُجْزِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>