تَمَامَ عَشْرِ سِنِينَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْبُلُوغُ فَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، كَالْبَالِغِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَابْنَهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا اثْنَا عَشَرَ عَامًا (وَمَعَ هَذَا) أَيْ مَعَ لُحُوقِ النَّسَبِ بِابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ (فَلَا يَكْمُلُ بِهِ) أَيْ بِإِلْحَاقِ النَّسَبِ (مَهْرٌ) إذَا لَمْ يَثْبُتْ الدُّخُولُ أَوْ الْخَلْوَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَلَا نُثْبِتُهُ عَلَيْهِ دُونَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ الْمُوجِبِ لَهُ.
(وَلَا يَثْبُت بِهِ) أَيْ بِإِلْحَاقِ النَّسَبِ (عِدَّةً وَلَا رَجْعَةً) لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لَهُمَا غَيْرُ ثَابِتٍ (وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ) أَيْ ابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ (إنْ شُكَّ فِيهِ) أَيْ فِي بُلُوغِهِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْبُلُوغِ يَسْتَدْعِي يَقِينًا تَرَتُّبَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ مِنْ التَّكَالِيفِ، وَوُجُوبِ الْغَرَامَاتِ فَلَا يُحْكَمُ بِهِ مَعَ الشَّكِّ، وَإِنَّمَا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِهِ احْتِيَاطًا حِفْظًا لِلنَّسَبِ.
(وَإِنْ أَتَتْ بِهِ) أَيْ بِوَلَدٍ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا وَعَاشَ) الْوَلَدُ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، لِأَنَّهَا مُدَّةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْمِلَ وَتَلِدَ فِيهَا، فَعُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلَةً قَبْلَ تَزَوُّجِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا وَلَمْ يَعِشْ (لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ كَابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ (كَمَا) لَوْ وَلَدَتْهُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا وَعَاشَ وَكَانَ مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ كَمَا سَبَقَ.
(أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِآخَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا) لَمْ يَلْحَقْهُ، لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ (أَوْ أُخْبِرَتْ) الْمُطَلَّقَةُ الْبَائِنُ (بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرْءِ؛ ثُمَّ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْ الزَّوْجَ) نَسَبُهُ، لِأَنَّهَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ فَلَمْ يَلْحَقْهُ، كَمَا لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَلَا يُكْتَفَى بِالْإِمْكَانِ لِلِحَاقِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِرَاشَ سَبَبٌ وَمَعَ وُجُودِ السَّبَبِ يُكْتَفَى بِإِمْكَانِ الْحُكْمِ، فَإِذَا انْتَفَى السَّبَبُ انْتَفَى الْحُكْمُ لِانْتِفَائِهِ.
(فَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا) وَلَوْ بَائِنًا (فَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ آخِرِ أَقْرَائِهَا لَحِقَهُ) نَسَبُ الْوَلَدِ (وَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّمُ حَيْضًا) لِعِلْمِنَا أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا فِي زَمَنِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَالْحَامِلُ لَا تَحِيضُ (وَإِنْ فَارَقَهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ) وَلَدًا أَوْ أَكْثَرَ (ثُمَّ وَلَدَتْ) وَلَدًا آخَرَ (قَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: لَحِقَهُ) نَسَبُ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ، لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْهُ) نَسَبُ الثَّانِي (وَانْتَفَى عَنْهُ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدَانِ حَمْلًا وَاحِدًا وَبَيْنَهُمَا مُدَّةُ الْحَمْلِ فَعُلِمَ أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ وَكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ.
(وَإِنْ) تَزَوَّجَ امْرَأَةً (وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ بِهَا كَاَلَّذِي يَتَزَوَّجُهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُطَلِّقُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute