للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَتْرِ رَأْسِهِ) بِعِمَامَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَذَلِكَ يُصَلِّي قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدُهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ.

(وَلَا يُكْرَهُ) أَنْ يُصَلِّيَ (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ) مِنْ الْعَوْرَةِ وَأَحَدِ الْعَاتِقَيْنِ فِي الْفَرْضِ (وَالْقَمِيصُ أَوْلَى مِنْ الرِّدَاءِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ، ثُمَّ الرِّدَاءُ ثُمَّ الْمِئْزَرُ أَوْ السَّرَاوِيلُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَإِنْ صَلَّى فِي ثَوْبَيْنِ فَأَفْضَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ أَسْبَغَ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ: الْقَمِيصَ وَالرِّدَاءَ، ثُمَّ الْإِزَارَ أَوْ السَّرَاوِيلَ مَعَ الْقَمِيصِ، ثُمَّ أَحَدَهُمَا مَعَ الرِّدَاءِ، وَأَفْضَلُهُمَا مَعَ الرِّدَاءِ: الْإِزَارُ، لِأَنَّهُ لُبْسُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْكِي تَقَاطِيعَ الْخِلْقَةِ، وَأَفْضَلُهُمَا، تَحْتَ الْقَمِيصِ: السَّرَاوِيلُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَلَا يَحْكِي خِلْقَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.

(وَإِنْ صَلَّى فِي الرِّدَاءِ، وَكَانَ وَاسِعًا الْتَحَفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ) الرِّدَاءُ (ضَيِّقًا خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، عَلَى مَنْكِبَيْهِ كَالْقِصَارِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوَيْكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِنْ كَانَ جَيْبُ الْقَمِيصِ وَاسِعًا سُنَّ أَنْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ) لِحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ نَعَمْ وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(فَإِنْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْهُ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَالْمُرَادُ إنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُرَ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(فَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ) أَيْ: الْجَيْبَ (وَشَدَّ وَسَطَهُ عَلَيْهِ بِمَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، أَوْ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ تَسُدُّ جَيْبَهُ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِوُجُودِ السَّتْرِ الْمَأْمُورِ.

(فَإِنْ اقْتَصَرَ) الرَّجُلُ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى (عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَأَعْرَى الْعَاتِقَيْنِ فِي نَفْلٍ أَجْزَأَهُ) دُونَ الْفَرْضِ لِأَنَّ مَبْنَى النَّفْلِ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلِذَلِكَ يُتَسَامَحُ فِيهِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَسُومِحَ فِيهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَلِأَنَّ عَادَةَ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ وَخَلَوَاتِهِ قِلَّةُ اللِّبَاسِ وَتَخْفِيفُهُ وَغَالِبُ نَفْلِهِ يَقَعُ فِيهِ فَسُومِحَ فِيهِ لِذَلِكَ.

وَلَا كَذَلِكَ الْفَرْضُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَيَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ لَا يَتَّسِعُ لِذَلِكَ مَعَ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ (وَيُشْتَرَطُ فِي فَرْضٍ مَعَ سَتْرِهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (سَتْرُ جَمِيعِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْعَاتِقَيْنِ (بِشَيْءٍ مِنْ لِبَاسٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>