اللَّائِقُ بِحَقِّهِمَا هُوَ الْمُتَوَسِّطُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الْمُوسِرُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَة بِمَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ وَعَكْسُهُ الْمُعْسِرُ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ قَالَ ابْنُ حَمَدَانِ: وَمِسْكِينٌ لَا زَكَاةَ لَهُ مُعْسِرٌ وَمِنْ فَوْقَهُ مُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ.
(وَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ الْبَدَوِيَّةِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَادِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي يَنْزِلُونَهَا وَيَجِبُ) لِلزَّوْجَةِ (مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدُّهْنِ لِلسِّرَاجِ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كُلُّهُ بِحَسْبِ عَادَةِ بَلَدِهِمَا (عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فِي بُلْدَانِهِ) فَيَجِبُ لَهَا (السَّمْنُ فِي مَوْضِعٍ وَالزَّيْتُ فِي آخَرَ وَالشَّحْمِ فِي آخَرَ وَالشَّيْرَجِ فِي آخَرَ) بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَ (لَا) يَجِبُ دُهْنُ الْمِصْبَاحِ (لِأَهْلِ الْخِيَامِ وَالْبَادِيَةِ) لِعَدَمِ تَعَارُفِهِمْ لَهُ (وَلَا يَجِبُ لَهَا إزَارٌ لِلْخُرُوجِ وَهُوَ الْمِلْحَفَةُ، وَمِثْلُهُ الْخُفُّ وَنَحْوُهُ) كَالرَّانِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ أَمْرُهَا عَلَى الْخُرُوجِ) وَلِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْخُرُوجِ لِحَقِّ الزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ مَا هِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ لِأَجْلِهِ (وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ) لِأَنَّهُ لَا غِنًى لَهَا عَنْهُ (وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ) وَهُوَ آنِيَةُ الطِّينِ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ فَإِذَا شُوِيَ فَهُوَ الْفَخَّارُ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَخَشَبٍ وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآنِيَةِ.
(وَحُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ) فِي النَّفَقَةِ (كَالْمُعْسِرِ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِأَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ (وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَكَمُتَوَسِّطِينَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَمُعْسِرَيْنِ) وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَنِصْفُ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَبَاقِيهِمَا عَلَى سَيِّدِهِ.
(وَلَا يَجِبُ فِي النَّفَقَةِ الْحَبُّ) بَلْ الْكِفَايَةُ مِنْ الْخُبْزِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ وَكَنَفَقَةِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ الْحَبَّ يَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ (فَلَوْ طَلَبَتْ مَكَانَ الْخُبْزِ حَبًّا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَقِيقًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ (أَوْ) طَلَبَتْ (مَكَانَ الْكُسْوَةِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا) مِنْ الْعُرُوضِ (لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوِضُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا.
(وَ) كَذَا (لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا لَوْ بَذَلَهُ) الزَّوْجُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ بَذْلِ الْخُبْزِ أَوْ الْكُسْوَةِ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ تَرَاضَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَخْذُ الْعِوَضَ (جَازَ) لِأَنَّهُ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا (بِخِلَافِ الطَّعَامِ) فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (وَلَيْسَ هُوَ مُعَاوَضَةً حَقِيقَةً) لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاجِبَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْكِفَايَةِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ حَصَلَتْ كَانَ هُوَ الْوَاجِبُ وَإِنَّمَا صِرْنَا إلَى إيجَابِ الْخُبْزِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فَرُجِّحَ بِذَلِكَ.
(وَ) إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْعِوَضِ فِي النَّفَقَةِ أَوْ الْكُسْوَةِ أَوْ فِيهِمَا فَ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَنْهُ بَعْدَ التَّرَاضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ.
(وَلَا يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمَ مَثَلًا) إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَلَا يُجْبَرُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَأَمَّا فَرْضُ الدَّرَاهِمِ فَلَا أَصْلَ لَهَا فِي كِتَابٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute